المسحراتي: ذكرى خمسون عاما على الغزو (الانجليزى- الفرنسى- الاسرائيلى) لمصر
Name:
Location: United States

11/3/06

ذكرى خمسون عاما على الغزو (الانجليزى- الفرنسى- الاسرائيلى) لمصر

باري تيرنر/ عمر عدس/ حامد الحمداني/ المحرر


مع شروق شمس 6 نوفمبر/ تشرين الثاني ،1956 وعلى صفحة المياه الزرقاء الصافية، للبحر الأبيض المتوسط، انتشرت على طول الشاطئ المصري 130 بارجة حربية بريطانية وفرنسية، مع حاملات طائرات وطرادات ثقيلة، ترافقها عشرات المدمرات والفرقاطات، ضمن تجمع لأضخم قوة برمائية حربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. كانت بريطانيا، وفرنسا و”إسرائيل”، تسعى الى استعادة السيطرة على قناة السويس، بعد تأميمها على يد الزعيم المصري جمال عبد الناصر، وهي القناة التي كانت تديرها شركة بريطانية فرنسية، وتُعتَبَر بالنسبة الى اوروبا، شريان الحياة، والممر الذي يعبر منه نفط الشرق الأوسط الى مصانعها المتعطشة الى الطاقة

الان و بعد مرور خمسون عاما على الغزو الاوروبى الاسرائيلى لمصر اين تسير علاقتنا مع تلك الدول هل هى حسن جوار ؟ فما علامات ذلك ؟ ام تعاون مشترك؟ ام مازلنا نقع تحت الاحتلال الغير مباشر و الاستغلال الاقتصادى من جانب تلك الدول اسئلة اضعها امام القارىء ليجيب عنها بنفسه. الان اليكم القصة من البداية.
إعلان تأميم قناة السويس

كان ذلك اليوم هو يوم الذكرى الرابعة للإطاحة بالملك فاروق، وكانت تلك أفضل مناسبة للرئيس عبد الناصر، لكي يربك أعداءه ويذهل العالم. وكان المسرح المثالي لذلك، مدينة الاسكندرية، معقل القوميين. وهكذا، وفي يوم 26 يوليو/ تموز ،1956 نُصب المنبر، ومكبرات الصوت والأضواء الكاشفة في ميدان التحرير لأن عبد الناصر لم يكن ليلقي خطابه قبل الغسق. وكانت الجماهير تحتشد منذ ساعات الصباح الباكر، حتى بلغ عددها 100 ألف مواطن. وعندما ظهر عبد الناصر أخيراً، تجاوبت أصداء التصفيق والهتاف بحياته في أرجاء المدينة. ثم شرع في إلقاء خطابه.
قال فيه
( 120 ألف عامل ماتوا في حفر القنال مجاناً. حفرت القنال بأرواحنا وجماجمنا وعظامنا ودمائنا. شركة قناة السويس اللي قاعدة في باريس شركة مغتصبة؛ اغتصبت امتيازاتنا.. “ديلسبس” أما جا هنا كان جاي زي ما جا “بلاك” علشان يتكلم معايا، نفس العملية.. التاريخ لن يعيد نفسه، بل بالعكس حنبني السد العالي، وسنحصل على حقوقنا المغتصبة.. حنبني السد العالي زي ما احنا عايزين، حنصمم على هذا.. 35 مليون جنيه كل سنة بتاخدها شركة القنال.. ناخدها احنا، 100 مليون دولار كل سنة بتحصلها شركة القنال لمنفعة مصر.. نحقق هذا الكلام، يبقى ال 100 مليون دولار نحصلهم احنا لمنفعة مصر برضه)
ثم تلى
قرار رئيس الجمهورية
مادة 1 تاميم شركة قناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية

عندما تناهت الي ايدن، رئيس الوزراء البريطاني أخبار خطاب عبد الناصر ، ، وما جاء فيه،كان يقيم مأدبة عشاء، على شرف أوثق أصدقاء بريطانيا في الشرق الأوسط الملك فيصل الشاب، ملك العراق، ومستشاره، ونوري السعيد، ذي السبعة والستين عاماً، والذي كان رئيساً لوزراء العراق، على فترات متقطعة خلال ثلاثين عاماً. وقد أذكى الإحراجُ الذي أحس به ايدن، جرّاء هذه الإهانة الهائلة، أمام هؤلاء الذين كان يتوق الى التأثير فيهم، تصميمَه على أن يروه يتصرف على نحو حاسم. يقول هيو جيتسكيل، زعيم حزب العمال وقتئذٍ، الذي كان يحضر المأدبة، “ قلت اني أعتقد بأن عليه ان يتصرف بسرعة..وان من شبه المؤكد ان الرأي العام في بريطانيا سوف يكون معه”. وأثنى نوري السعيد على هذا الكلام، وأضاف اليه، محرّضاً ايدن على أن “يضرب عبد الناصر بشدة، وأن يضربه الآن”.
في الثامن من أغسطس/ آب، خرج ايدن على الجمهور البريطاني عبر شاشة التلفزيون، ليقول عن عبد الناصر: إن هذا النموذج مألوف لدى الكثيرين منّا.. وكلنا نعرف ان هذا هو الأسلوب الذي تتصرف به الحكومات الفاشية، وكلنا نتذكر جيداً، ماذا يمكن ان يكون الثمن لو أذعنّا للفاشية”. وأضاف: “ان عملية النهب التي تهدد أرزاق العديد من الأمم لن يُسمح لها بالنجاح”. وقال: “ان شجارنا، ليس مع مصر، بل مع عبد الناصر”.

ومن جانب آخر أعلن الاتحاد السوفيتي عن استعداده لبناء السد، على أن تدفع مصر تكاليف بنائه بأقساط مريحة، من عائدات قناة السويس وما يوفره السد، مما أفقد الإمبريالية صوابها، وسارعت بريطانيا وفرنسا إلى تقديم احتجاج شديد اللهجة للحكومة المصرية معتبران أن إقدام عبد الناصر على تأميم القناة ينطوي على أبعاد خطيرة النتائج. كما جرى تجميد الأرصدة المصرية في بريطانيا وفرنسا، والولايات المتحدة. وسارع رئيس الوزارة البريطانية [أنطوني إيدن] إلى لقاء رئيس وزراء فرنسا [دي موليه] للبحث فيما يمكن اتخاذه من إجراءات ضد مصر، ودعت الدولتان إلى عقد مؤتمر في لندن يضم 24 دولة في 16 آب 1956لبحث موضوع التأميم، وتأسيس إدارة دولية للقناة، وكان من بين الدول المدعوة للمؤتمر مصر والاتحاد السوفيتي، لكن مصر رفضت حضور المؤتمر، فيما أعلن الاتحاد السوفيتي رفضه لأي قرار بغياب مصر . أما الولايات المتحدة، التي كانت تتوق لإزاحة النفوذ البريطاني والفرنسي في الشرق الأوسط والحلول محلهما، فقد أعلنت عن رفضها استخدام القوة ضد مصر، وتقدمت باقتراح تضمن البنود التالية: 1 ـالاستمرار في إدارة أعمال القناة بصفة كونها طريقاً مائياً حراً مع احترام سيادة مصر. 2 ـ أن تكون خدمة القناة مستقلة عن أي عمل سياسي. 3 ـ أن يضمن لمصر دخل معقول من واردات القناة. 4 ـ أن يعطى تعويض عادل لحملة أسهم القناة. لقي الاقتراح الأمريكي قبول 18 دولة، وانتهت محاولات بريطانيا وفرنسا لإعادة السيطرة على القناة إلى الفشل، وأنهى المؤتمر أعماله في 23 آب 1956،بعد أن قرر إرسال محاضر جلساته إلى الحكومة المصرية مع وفد خماسي برئاسة رئيس وزراء استراليا المستر[منزيس]. لكن الوفد لم يستطع تحقيق أي شيء من زيارته لمصر. وحاولت بريطانيا في المؤتمر الثاني الذي عقد في لندن في 19 أيلول أن تؤسس جمعية المنتفعين بالقناة والتي تضم 15 دولة، لكن مصر رفضت الاعتراف بهذه الجمعية، وانتهت هذه المحاولة إلى الفشل أيضاً.
عند ذلك قررت بريطانيا وفرنسا، بالتعاون مع إسرائيل، اللجوء إلى القوة العسكرية لإخضاع مصر

خطة العدوان الثلاثي على مصر وضعت في إحدى ضواحي باريس
حيكت مؤامرة العدوان الثلاثي في 22 اكتوبر/ تشرين الأول ،1956 في دارة محاطة بالأسوار، تقع في إحدى ضواحي باريس. وكانت المجموعة الأولى من المتآمرين الذين وصلوا في الساعات الأولى من الصباح، تضم: وزير الخارجية الفرنسي كريستيان بينو، ورئيس الوزراء “الإسرائيلي” ديفيد بن غوريون، ورئيس أركان حربه موشيه دايان، والمدير العام لوزارة الحرب “الإسرائيلية” شمعون بيريز، ووزير الخارجية البريطاني سيلوين لويد. وفي ختام المناقشات البالغة السرية التي شارك فيها كذلك رئيس الوزراء الفرنسي جي موليه، ورئيس الوزراء البريطاني انتوني ايدن بعد يومين في فرنسا وبريطانيا، كان قد تم التوصل الى اتفاق سرّي يقضي بالقيام بعدوان ثلاثي، هدفه الإطاحة بالرئيس المصري، جمال عبد الناصر، وإعادة السيطرة على قناة السويس التي أممها، في 26 يوليو/ تموز 1956.، وتم على عجل وضع الخطة اللازمة لذلك، وتتلخص تلك الخطة بمبادرة إسرائيل بمهاجمة سيناء والوصول إلى القناة، ليكون ذلك ذريعة لبريطانيا وفرنسا بحجة خطورة إغلاق قناة السويس، والطلب من الحكومتان المصرية والإسرائيلية الانسحاب إلى مسافة 16 كم عن القناة، تمهيداً لإنزال قواتهما حول القناة، وإذا ما رفضت مصر ذلك خلال 12 ساعة فإن القوات البريطانية والفرنسية سوف يتم إنزالها في بور سعيد والسويس.
لكن عبد الناصر رفض الإنذار البريطاني الفرنسي، وأعلن أن مصر ستقاوم أي اعتداء يقع على أراضيها. وهكذا بدأت إسرائيل هجومها على سيناء، وتمكنت قواتها في 31 تشرين الأول من التقدم بسرعة صوب القناة، حيث كان عبد الناصر قد سحب معظم قواته من الجبهة الإسرائيلية، معتقداً أن الهجوم سيقع على القناة من قبل القوات البريطانية والفرنسية، ولم يتوقع أن تشترك إسرائيل في الهجوم، وتكون البادئة فيه!! . على أثر ذلك بدأت الطائرات البريطانية والفرنسية غاراتها الوحشية على [بورسعيد] ومدينة [السويس] وجرى قصف باخرة مصرية كانت محملة بالأسمنت داخل القناة فغرقت فيها، وبذلك أغلقت القناة أمام الملاحة الدولية. أحدث الهجوم البريطاني الفرنسي رد فعل واسع وعنيف من قبل الشعوب العربية، وشعوب العالم اجمع، وحتى من قبل مجلس العموم البريطاني نفسه، حيث هوجمت حكومة [إيدن] على تصرفها، وطالب الكثير من النواب وقف القتال فوراً، وسحب القوات البريطانية والفرنسية، كما طالبت الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار فوراً، لكن القوات البريطانية استمرت في هجومها متجاهلة الأمم المتحدة والرأي العام العالمي، مما حدا بالاتحاد السوفيتي إلى الطلب من الولايات المتحدة القيام بإجراء مشترك لوقف الحرب. لكن الولايات المتحدة رفضت الطلب السوفيتي، مما دفعه للعمل بصورة منفردة، حيث توجه بالإنذار التالي إلى كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل في 5 تشرين الثاني 1956، على أثر الإنزال العسكري البريطاني الفرنسي في بور سعيد، وهذا نصه: { إن الحكومة السوفيتية ترى من الضروري لفت أنظاركم إلى الحرب التي تشنها الآن بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، هذه الحرب التي يترتب عليها أخطر النتائج على السلم العالمي، وإننا نتسائل ماذا كان سيحدث لو أن بريطانيا وجدت نفسها معرضة لهجوم دول أكثر منها قوة، دول تملك كل أنواع الأسلحة المدمرة الحديثة، هنالك الآن دول ليست بحاجة إلى إرسال أساطيل بحرية، أو قوات جوية إلى السواحل البريطانية، ولكن بمقدورها استعمال وسائل أخرى، كالصواريخ. لقد عزمنا عزماً أكيداً على سحق المعتدين، وإعادة السلام إلى الشرق الأوسط، عن طريق استعمال القوة، ونحن نأمل في هذه اللحظة العصيبة، أن تظهروا الحكمة اللازمة، وتستخلصوا منها النتائج المناسبة}.(2) وقع هذا الإنذار موقع الصاعقة على الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل، حيث أصبحت لديهم القناعة أن الاتحاد السوفيتي يعني ما يقول، ولذلك فقد رفضت الولايات المتحدة دعم العدوان، وتجاهلت كل النداءات التي صدرت من بريطانيا وفرنسا والداعية إلى وقوفها إلى جانب المعتدين. وفي الوقت نفسه خرجت الجماهير الغفيرة في المشرق العربي ومغربه، تعلن غضبها واستنكارها للجريمة، وتعلن وقوفها ضد العدوان، ومطالبة حكوماتها بالوقوف إلى جانب مصر في محنتها، وجرى نسف محطات ضخ النفط عبر الأنابيب من كركوك نحو بانياس وطرابلس، مما أدى إلى توقف تدفق النفط نحو الغرب، بالإضافة إلى إغلاق قناة السويس، مما أوقع الغرب في ورطة كبرى، حيث لم يعد بالإمكان نقل النفط من منطقة الخليج إلا عبر رأس الرجاء الصالح حيث تدور الناقلات حول جنوب أفريقيا. وهكذا باء العدوان بالفشل الذريع، واضطر المعتدون إلى إيقاف الهجوم، وسحب قواتهم من الأراضي المصرية، في 16 تشرين الثاني 1965،

0 Comments:

Post a Comment

<< Home

Free Web Counter
number of visitors numbers of hits
numbers of hits