المسحراتي: 10/1/06

المسحراتي

Name:
Location: United States

10/29/06

تأميم الغازالطبيعى فى بوليفيا -عقبال مصر


وجه الرئيس البوليفي
انذراً الى ، ممثلي ثمان شركات نفطية عالمية، منها توتال الفرنسية، وبيتروليوم الأمريكية، وبالإضافة إلى ممثلين عن شركة بيتروبراس البرازيلية ، لتسوية أوضاعها بشكل قانوني، تحت إشراف الدولة البوليفية أو مغادرة البلاد فى مهلة 180 يوماً فلم يسعها الا الاذ عان.

. و بذلك ارتفعت حصة الدولة البوليفية في شركات النفط العاملة على أراضيها إلى 82 في المائة، بدلاً عن حصة 50 في المائة. وارتدى مكان التوقيع طابعاً رمزياً كبيراً، حيث تم في الغرفة عينها التي كان الرئيس البوليفي السابق، غونزالو سانشيز دولازادا، قد وقع فيها عام 1996 اتفاقية خصخصة القطاع، والتي استفادت منها الشركة البرازيلية التي استثمرت منذ ذلك الحين أكثر من 1.5 مليار دولار في بوليفيا.الرئيس البوليفي: "سنكمل طريق تأميم كافة مواردنا الطبيعية، ولن يقتصر الأمر على النفط، بل سيتعداه ليشمل المعادن، وسواها من الثروات الطبيعية التي تعود ملكيتها إلى الشعب البوليفي."


إقـرءالمـزيد!

10/27/06

احمدى نجاد و مجلس العلاقات الخارجية الامريكية


فى هذا الرابط
ستجد نص حوار احمدى نجاد و مجلس العلاقات الخارجية الامريكية قد يكون اطول مقال تقراءه فى حياتك ولكنه اماط اللثام عما يحدث فى دهاليز السياسيين. و به العديد من الدروس المفيدة لتعلم فن ادارة الحوار السياسى بثقة و ثبات وقوة. ليت سياسيونا يملكون عشرها


إقـرءالمـزيد!

10/26/06

قاطعوا بنك الاسكندرية

الحكومة المصرية
بلغ بها الجور و الطغيان و الاستهانة بمستقبل الاجيال القادمة
وبدات فى اعادة السيطرة الاجنبية المباشرة على مالية الشعب المصرى كما كان الحال ايام الاحتلال فوضعت اموله تحت تصرف البنوك الاجنبية مقابل حفنة من الدولارات
لا لبيع البنوك الوطنية
قاطعوا بنك الاسكندرية
يادعاة مقاطعة الدنمرك و ويمبى و ماكدونالد اين اصواتكم ام هل مازلتم تنتظرون التعليمات العليا


إقـرءالمـزيد!

10/22/06

النهب المنظم لثروات مصر – القطاع المصرفى

بعد بيع «بنك الاسكندرية» من يستفيد من سياسة التخصص في مصر؟
محمود عوض
يوم الثلاثاء 17/1
0/2006 جرى في مصر حدث جلل سيتوقف مؤرخو المستقبل عنده طويلا باعتباره نقطة تحول كاشفة عن حاضر مصر ومستقبلها. الحدث استمدت منه الصحف المصرية عناوينها الرئيسية في الصباح التالي ومعظمها يلخصه عنوان: «بيع أول مصرف قطاع عام في مصر».


في الواقع هي أول مرة يجري فيها بيع بنك مملوك ملكية عامة، ليس في مصر فقط وانما في العالم العربي بل وفي الشرق الأوسط بمجموعه. لكن الأهمية لا تتوقف هنا، فالملكية العامة للبنوك في مصر أساسا كانت عنوان نضال طويل خاضه الشعب المصري قبل ثلاثة أجيال على الأقل بدءا من قيام الراحل طلعت حرب بإنشاء أول بنك مصري بأموال المصريين، في وقت كانت البنوك الأجنبية أو فروعها تسيطر بالكامل على كل مقدرات الاقتصاد المصري. وفي سنة 1956 مثلاً أرادت المصالح الأجنبية معاقبة مصر على قيامها بتأميم شركة قناة السويس فكانت أول خطوة اتخذتها هي قيام البنوك الأجنبية العاملة في مصر بالامتناع عن تمويل عمليات شراء القطن المصري، وهو في حينه عصب الحياة الاقتصادية المصرية.
والملكية العامة للبنوك ليست خياراً ايديولوجياً، فهي لا تتعلق بيسار أو يمين، وانما هي بالأساس خيار وطني يعلو على اليمين واليسار. وأبسط مثل لذلك نجده في فرنسا وألمانيا واليابان، حيث أنه بغير الملكية العامة لبنوك محددة لم تكن إعادة النهوض الاقتصادي ممكنة بعد خراب الحرب العالمية الثانية. وعلى رغم قيام الاتحاد الأوروبي بإزالة الحواجز الاقتصادية بين دوله الأعضاء الخمس والعشرين، إلا أن البنك المركزي الإيطالي مثلاً تدخل في العام الماضي لمنع قيام بنك هولندي - وهولندا دولة عضو بالاتحاد - بشراء بنك ايطالي صغير رغم أنه ملكية خاصة.
وحتى وقت قريب كان التفكير في بيع أي من البنوك العامة المصرية، وهي أربعة، من المحرمات السياسية المعلنة. وحينما جرى قبل سنتين أثناء وجود محافظ البنك المركزي المصري في العاصمة الأميركية واشنطن أن تسرب خبر ابلاغ الأميركيين باستعداد مصر لبيع أحد بنوك قطاعها العام الكبرى انقلبت الدنيا وجرى تكذيب الخبر بطريقة مراوغة. والآن يثبت بأثر رجعي أن الخبر كان صحيحا، وأن البنك المحدد هو «بنك الإسكندرية». وقبل معرفة المصريين بتلك النية المبيتة لبيعه كان صدر قرار مفاجئ بإدماج «بنك القاهرة» في «بنك مصر»، وبذلك انكمشت بنوك القطاع العام الى ثلاثة. أما بعد بيع بنك الإسكندرية فانكمشت الى بنكين اثنين. وبالوضع الجديد وبكامل وعي الحكومة المصرية في السلطة انخفضت حصة البنوك العامة المصرية من ودائع المصريين الى ثلاثة وخمسين في المئة بينما ارتفعت حصة البنوك الأجنبية بقدرة قادر الى سبعة وأربعين في المئة.
فلنلاحظ أولاً انها جميعاً ودائع مصريين. ولنلاحظ ثانياً أن مصر ليست مجتمعاً مغلقاً فهي مفتوحة منذ سنة 1974 أمام البنوك الأجنبية وفيها حاليا 41 بنكاً أجنبياً أو فرعاً لبنك أجنبي، مع ذلك لم يقم أي بنك أجنبي بإدخال دولار واحد الى مصر وانما جاء ليعمل بودائع المصريين ويحول أرباحه منها الى الخارج أولا بأول. فلنلاحظ أيضا أن تلك البنوك الأجنبية تستخدم هذه الودائع من المصريين في ما يناسبها هي من مصالح في الربح الأسرع والأعلى وتأكيداً في الاستهلاك والاستيراد. أحد تلك البنوك مثلا قام بحملة إعلانية أخيراً لتسويق أضخم مشروع لديه وعنوانه: «أسرع قرض لشراء سيارة حتى مليون جنيه». اعلانات أخرى لتسويق قروض لتملك الشاليهات والقصور في سواحل مصر. في الحالة الأولى يتم استخدام ودائع المصريين لتمويل استيراد الأغلى والأحدث من السيارات المستوردة. وفي الحالة الثانية يتم دفع المصريين دفعا إلى نوع من الترف لا يتحمله مجتمع مصري يعيش 17 في المئة من أفراده تحت خط الفقر. في الحالتين تزيد أعباء الاقتصاد المصري بدل أن تخف وينحدر الى الاستهلاك الترفي بدل دفعه الى انتاج مفيد ونافع ومولد لفرص عمل جديدة لتشغيل الشباب.
من هنا أصبح السؤال الأول هو: اذا كان السوق المصري مفتوحا أمام البنوك الأجنبية منذ سنة 1974 ولم تساعد في ادخال أو اقامة أي صناعة جديدة في مصر، فلماذا تتطوع مصر الآن لوضع المزيد من ودائع المصريين تحت تصرفها من خلال بيع أحد البنوك الكبرى ذات الملكية العامة فيستولي عليه بنك أجنبي - هو ايطالي في حالتنا هذه - بكل مبانيه وفروعه البالغة نحو مئتين منتشرة في مصر من أقصاها الى أقصاها، زائداً سمعته وتاريخه ومصداقيته التي بناها عبر نصف قرن، وبودائع تبلغ حالياً 42 بليون جنيه؟
في المؤتمر الصحافي الذي جرى عقده للإعلان عن الصفقة الجديدة جلس المسؤولون المصريون عن الصفقة كي يدلوا بتصريحات هي في جوهرها تهنئة للذات لدرجة أن رئيس البنك المباع أصر على أن يأخذ لنفسه نصيبه من التهنئة لأنه كان عنصراً فاعلاً في بيع البنك العام، وهو المعين أصلا لإدارته، والمحافظة على أصوله وحقوق مودعيه. من المؤتمر الصحافي نعرف أن البنك الإيطالي المشتري سيدفع بليوناً و612 مليون دولار ثمناً لـ «بنك الإسكندرية» بكل فروعه ومنشآته التي قيل انها تساوي 9.2 بليون جنيه مصري.
لكن، كيف ستستخدم الحكومة البائعة هذا المبلغ؟ هنا اختلفت الإجابات. ممثل البنك المركزي قال ان المبلغ سيضاف الى احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية. أما وزير الاستثمار - وهي التسمية الرسمية بديلا عن وزير البيع - فقال ان الحصيلة ستوجه لدعم المراكز والمخصصات المالية للبنكين الاثنين الباقيين كملكية عامة. أما وزير المالية - وهو «شجيع السيما» في الفيلم كله - فقال ان الحصيلة ستستخدم في تخفيض الدين العام المحلي بعد اقتطاع جزء لتمويل مشروعات الصرف الصحي (تجميلاً للحكومة وحزبها الحاكم أمام الرأي العام). تعني المسألة باختصار: نبيع أولاً ثم نفكر تالياً لماذا كنا نبيع. انه استرسال بلغة الاقتصاد لما جرى الترويج له خلال العقود الأخيرة بلغة السياسة: نفرط أولاً وبعدها نفكر في العواقب.
في جميع الحالات تجاهل مسؤولو الحكومة في ذلك المؤتمر الصحافي المشهود ثلاث نقاط رئيسية. أولا: لم يذكروا التقييم الأصلي الذي كان مقدرا للبنك العام المباع وكيف جرى قياسه ومن الذي قام به. في هذه المرة اتعظ فريق البيع المصري من فضيحة سابقة شغلت الرأي العام بقوة عنوانها شركة «عمر أفندي» للبيع بالتجزئة. في مواجهة صدمة الرأي العام المصري سابقا من بلاغ المهندس يحيى حسين عضو لجنة التقييم المشكلة رسميا الى النائب العام المصري ضد فريق البائعين المصريين الحكوميين الضاغطين للبيع من أجل البيع، رد عليه الفريق مجتمعا بنعومة ولكن بحرص على إعادة رص الصفوف. بعدها قالوا بكل هدوء ان المسألة لا علاقة لها مطلقا بالتفريط وإنما هي مجرد خلاف فني على أسلوب تقييم الملكية العامة. فمثلا هناك طريقة التقييم بالمدخلات. وطريقة التقييم بالمخرجات. وطريقة التقييم بالفوقيات: خلاف فني ليس إلا. والنتيجة: ضاعت الشركة العامة المباعة وبنفس الزبون المشتري وبنفس السعر المقرر أصلا مع تحذير ضمني واضح لكل معترض، يسمونه في الغرب: صاحب ضمير.
البائعون في هذه المرة بدوا أكثر حجة وإفحاما. فلإعطاء ذخيرة كافية لمندوبي الصحف في المؤتمر الصحافي قال فريق البيع: دعونا ننحي جانبا سيرة التقييم الأصلي لبنك الإسكندرية وفروعه ومنشآته وودائع المصريين الذين ائتمنوه عليها ثقة في ملكيته العامة. ركزوا فقط على السعر الهائل وغير المسبوق الذي بعناه به. لقد بعناه يا إخوان بخمسة أمثال «قيمته الدفترية». وهنا أضاف عضو آخر من فريق البيع - لأنه يحب الدقة والأمانة مع الرأي العام - ان «بنك الإسكندرية» المملوك لعموم المصريين، تم بيعه بخمسة ونصف أمثال قيمته الدفترية.
بدت الحجة مفحمة، ومن خبراء ومتخصصين مع أنهم جميعا سياسيون. لكن هذا يتساوى مع بيع الهرم الأكبر في مصر - هرم خوفو - بمليون دولار الآن، بحجة أن هذا يساوي مليون ضعف قيمته الدفترية. أو بيع أكبر مبنى في ميدان التحرير بقلب القاهرة الآن بعشرة جنيهات للمتر المربع بحجة أن قيمة هذا المتر أصلاً عند إقامة المبنى كانت جنيها واحدا مع تجاهل حقيقة أن نفس المتر المربع الآن في نفس المساحة في نفس الموقع يساوي مئة ألف جنيه.
ثم لم يذكر فريق البائعين للبنك المملوك للمصريين كافة حقيقة أنه من الآن فصاعداً لن تحصل الحكومة المصرية على أرباح البنك سنويا كما اعتادت في السابق، وانما أصبحت ملتزمة بتحويل تلك الأرباح الى الخارج أولا بأول وبالعملة الصعبة. كانت أرباح البنك تساهم سابقا في تمويل الميزانية العامة المصرية، لكن من الآن فصاعدا ستساهم تلك الأرباح في تمويل اقتصاد ايطاليا. ثم: اذا كانت حصيلة بيع هذا البنك تساوي 9.6 بليون جنيه مصري فإن أحدا لم يذكر بالمرة أن الحكومة المصرية البائعة نفسها - تجهيزا لإتمام صفقة بيع البنك - سددت له قبل شهور سبعة مليارات جنيه، وفجأة، تحت عنوان أنها مديونيات مستحقة للبنك على الشركات العامة. وبالزيادة: تحمل البنك فجأة قبيل بيعه بليون جنيه من ميزانيته لإعادة هيكلته بما فيها 450 مليون جنيه للمعاش المبكر، وهو تعبير بالشفرة يعني تسريح المئات من العاملين في البنك بالخروج الى المعاش بدلاً من تسريحهم قسراً بناء على رغبات المالك الجديد، ومعظمهم في سن الأربعين فما فوق. المشتري عينه على ودائع المصريين. اللحم مشفي بغير عظام.
في مجتمع واع وخريطة سياسية صحية كان يتطلب بيع بنك قطاع عام، والى بنك أجنبي تحديداً، على الأقل استجوابا علنيا من قبل البرلمان المنتخب شعبيا للحكومة. فأموال البنوك العامة ليست ملكا للحكومة حتى تتصرف بها بقرار منفرد وتبيعها لأجانب كأمر واقع تفرضه على الناس كقدر لا فكاك منه. هي ودائع لمواطنين مصريين لم يستشرهم أحد حينما قررت الحكومة نقل الولاية عليها الى طرف أجنبي. استجواب برلماني يستدعي أيضا المساءلة والمحاسبة عن سياسة التخصص من أصلها. فالتخصص لم تكن في أي وقت ولا في أي بلد هدفا بحد ذاتها. فإذا لم تكن إسهاما مؤكدا في نهضة اقتصادية تحتاجها مصر بشدة فلا داعي لجعل وضع سيئ أصلاً يصبح أكثر سوءا.
تزداد أهمية هذه المحاسبة على ضوء التاريخ الملتبس بشدة لسياسة التخصص في مصر التي لم تتسم منذ بدايتها بأي قدر من الشفافية أو المكاشفة أو معرفة حدودها وغاياتها. ففي أي بلد، خصوصاً مصر حيث أصبحت البطالة بالملايين، يصبح الاقتصاد أكثر أهمية من تركه للاقتصاديين، وبالذات ذلك النوع من الاقتصاديين المتناغم على مدار الساعة مع رغبات وأهداف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والشركات المتعددة الجنسية وعابرة القارات. هناك صناعات بيعت بكاملها بأقل من عُشر ثمنها. هناك صناعات بيعت كي يغلقها المشتري ويسرح عمالها فيفسح الطريق أمام السلع المثيلة المستوردة. هناك صناعات كانت ناجحة ورابحة في مصر وتصدر منتجاتها إلى أسواق دول الخليج وافريقيا فلم تعد تصدر لا الى الخليج ولا افريقيا وأيضا لم تعد تنتج في مصر.
هناك شركة واحدة اسمها شركة «المراجل» البخارية كانت تنتج في سنوات الستينات دروع الدبابات وفي مرحلة تالية تنتج معدات محطات الكهرباء. الشركة بمصانعها وأراضيها بيعت الى مشترٍ أجنبي بسعر بخس تماما هو 16 مليون دولار. وبمجرد بيعها تعاقدت معها الحكومة على صناعة غلايات ومعدات محطات كهرباء قيمتها 650 مليون دولار. هناك أيضا قلاع صناعية كبرى للغزل والنسيج في المحلة الكبرى وكفر الدوار تحولت الى شبه خرائب تثقلها الديون الملفقة تمهيدا لبيعها بسعر التراب. وحينما حاولت الحكومة امتصاص غضب الرأي العام أعلنت في 11/4/2006 تخصيص 900 مليون جنيه لإصلاح شركات كفر الدوار واستعادة طاقتها الإنتاجية. لكن بنظرة فاحصة للرقم تبين أن منه 530 مليون جنيه لتمويل خروج العمال الى المعاش المبكر. هناك قبل هذا كله قصة «عمر أفندي» وهي شركة البيع بالتجزئة التي ركبت الحكومة رأسها ومضت في بيعها رغم المعارضة العارمة.
هذا يعيدنا الى الخريطة السياسية غير الصحية في تعاملها مع برنامج التخصص، ثم يعيدنا الى نقطة أهم وهي عدم وجود قطاع خاص مصري قوي ومنتج ومهموم بالشأن المصري. ففي كل الدنيا تمثل شركات البيع بالتجزئة وسيطا بين المنتج والمستهلك وتحقق أرباحها من تلك المهمة. فإذا انخفضت أرباح شركة كهذه أو لم تربح أصلا فهذا يعني خللا فادحا في الإدارة يعالج بحسم وحزم قبل القفز مباشرة الى بيع الجمل بما حمل لمشترٍ أجنبي. هذا المشتري الأجنبي من حقه وسلطته أن يعرض في فروعه السلع المستوردة فقط لأن أرباحه فيها أعلى وأسرع ولأنه غير ملزم بعرض سلع مصرية. في سنوات الأربعينات مثلا اكتشف طلعت حرب وبنك مصر أن المصانع المصرية الناشئة لا تجد منافذ لعرض وبيع منتجاتها في السوق المصري بسبب سيطرة الشركات الأجنبية تماما على منافذ البيع بالتجزئة. من هنا أقام طلعت حرب خصيصا «شركة بيع المصنوعات المصرية» لذلك الغرض الواضح من اسمها.
الآن تعود التخصص بمصر ستين سنة الى الوراء، ولا تجد مصر عندها قطاعا خاصا قويا ومنتجا ليعترض على هذا التحول الجذري. ربما لأن القطاع الخاص الموجود هو في معظمه مستورد وليس منتجا. ولزيادة الطين بلة اتخذت الحكومة المصرية خطوة غير مسبوقة وهي الإفراج عن السلع المستوردة فورا قبل تسديد الرسوم الجمركية المستحقة عليها، مع اعطاء المستوردين شهرا كمهلة مريحة في كل مرة يسددون بعدها الرسوم براحتهم.
لم تفعل أميركا ذلك. ولم تفعله اليابان ولا الصين ولا فرنسا ولا أي دولة شرقاً وغرباً مهما كانت غنية ومستغنية. لكن هذا جرى في مصر المدينة بثلاثين بليون دولار خارجياً وبأربعمئة بليون جنيه داخلياً ولديها مليونان ومئتا ألف من العاطلين عن العمل - اذا أخذنا بالرقم الرسمي - كلهم متعلمون ومعظمهم خريجو جامعات.
كاتب مصري


إقـرءالمـزيد!

10/19/06

هل يكون جمال مبارك اول رئيس جمهورية ماسونى يحكم مصر؟



د/اكرم المعداوى

نشات الجماعات الماسونية عقب ان فتح صلاح الدين القدس و سمح للفرسان المقاتليين بالرحيل ا منين من حيث اتوا فذهبوا الى اسكتلندا فسيطروا على عرشها و منها الى المانيا و كان انتصارهم الكبير بعمل الثورة الفرنسية و تتابع سقوط العروش الاوروبية و لكن يصبح تتويج جورج واشنطن كاول




رئيس ماسونى للولايات المتحدة الامريكية قمة انتصاراتهم فمنذ ذلك الحين و لم يتولى رئاسة الولايات المتحدة الامريكية الا ماسونى من ذوى الدرجات العلى, و تلاقت مصالح الماسون مع اليهود فما نعمت البشرية بالامان او الراحة منذ ذلك التزاوج الى يومنا هذا
بقيام ثورة يوليو عام 1952 و بسقوط الملكية فى مصر انتهى بذلك حكم اسرة محمد على التى وطدت للنفوذ الماسونى
فى مصر. وبدات مرحلة انتقالية سيطر فيها على مراكز صناعة القرار مجموعات خرجت من الطبقات المتوسطة بدرجاتها المتفاوتة تنتمى نخبتها الى التنظيم الخاص لجماعة الاخوان المسلمين التى اسسها الشيخ المطربش حسن البنا عقب الغاء الضابط التركى مصطفى كمال الخلافة الاسلامية العثمانية. ادى الصراع المريرالذى نشب بين اجنحة الجماعة المختلفة بالاضافة الى ضباط الجيش الى القضاء على نفوذ الجناح المعتدل بالجماعة التى فقدت بوصلتها عقب اغتيال موسسها فى حادثة لم يكشف النقاب عن غموضها حتى يومنا هذا و انفرد تسعة نفر من ضباط الجيش كانوا قد كونوا من قبل ما عرف بمجلس قيادة الثورة بصناعة القرار فى مصر.
ما ان استتبت الامور لهؤلاء التسعة حتى نشبت بينهم صراعات خفية كان نتجتها تدمير شامل للبنية الزراعية و الصناعية التى تطورت فى مصر منذ بداية حكم اسرة محمد على فضلا عن التدمير المعنوى الهائل لشخصية الانسان المصرى التى ما زال يقبع تحت اثارها مستكينا صامتا. ثم جائت الصدمة فى ستة ساعات و استيقظت مصر على هزيمة مريرة عام 1967 .
ثار الغليان بين اوساط المصريين التى طالبت بعودة الارض المحتلة فحدثت حرب الاستنذاف التى ما لبثت ان اوقفت فى ظروف غامضة, و اصبح كل شيء هادىء على الضفة الشرقية الى ان تم القضاء على ما عرف بمراكز القوى عام 1970 و 1971 و حكم مصر رجل متعدد الاوجه و ضغط رجال الجيش على القيادة السياسية للعمل على اسنعادة الارض المحتلة فحدث حرب اكتوبر المجيدة . تم على اثرها عمل منظم و دقيق لاضعاف قدرات الجيش بدء بحادثة الطائرة الهليوكوبتر الشهيرة التى كانت فى طريقها لاجتماع هام برئيس الجمهورية و على متنها قادة الافرع الرئيسية للجيش التى قادت حرب اكتوبر فاصطدمت بعمود!!!,
و ما حادث اسقاط الطائرة المصرية المدنية فوق الشواطىء الامريكيةعام 1999 التى كانت تقل 36 ظابط من ضباط الفنية العسكرية و طياريين سرب طائرات الاباتشى باخرها.و ما هى الا شهور قلائل حتى اغتيل الرجل المتعدد الاوجه بيد رجال من الجيش و فى وسط الجيش عند احتفال الجيش بيوم نصره.و تولى تنفيذ القرار فى مصر رجل لا لون له.
و استمرت السياسة الممنهجة فى تفريغ الجيش من عوامل قوته , فنقص عدده و اغلقت مصانع اسلحته و اوقفت برامج تطوير المتيقى منها كما اختصرت برامج ندريبه و صدرت القوانين المنظمة لاحوال ضباطه و التى ادت الى احالة القادة ذوى الرتب الوسطى الى المعاش المبكر او بقائهم فى الخدمة بعقود مؤقتة و لا ينفذ منهم الى الرتب العليا الا اصحاب الحظوة بدلا من اصحاب الكفائة القتالية فما ان يظهر منهم متميزالا و يحال الى التقاعد او الى وظيفة ادارية , و القيت مقاليد الجيش فى تسليحة و تدريبة على الدولة التى تدعم عدو مصرالاول ليس ذلك فحسب بل اصبحت هذه الدولة تدفع مبلغ من المال بانتظام كل عام فى مقابل ان يظل كل شيىء هادىء على الضفة الشرقية.فمن هو متخذ القرار فى مصر؟يجرى تمهيد الامور للاحتفال بتنصيب اول رئيس جمهورية ماسونى فى تارخ مصر.
فهو نصف مصرى نصف انجليزى و نشاط السيدة والدته مع الجماعات الماسونية اوضح من ان ينكر كما ان افراد اسرته من ناحبة امه يفتخرون دائما بانهم من قادة العمل الماسونى الاقليمين..فى عهد اسرة محمد على كانت هناك الخلافة الاسلامية تشكل نوعا ما من الردع و لم تكن الصهيونية قد تغولت كما الان و لكن بعد ان سقطت الخلافة الاسلامية بفعل الجماعات الماسونية و الصهيونية اصبح العالم الاسلامى مستباح بلا قوة تحميه.

وبعد ان يتم تنصيب اول رئيس جمهورية ماسونى يحكم مصر هل سيحدث التزاوج بين الماسونية والصهيونية عل ارض مصر وهل يمكن ان ينعم المصريون بالامن و الامان او الراحة و السكينة فى ظل هذا الوضع؟


إقـرءالمـزيد!

النهب المنظم لثروات مصر- البترول

سامح فهمى يطرح شركة جيسوم للبيع سرا
محمود العسقلانى
الخسائر التى يحققها قطاع البترول فى مصر لا تزال فى ازدياد، وعلى الرغم مما نشرناه فى حلقات سابقة إلا أن شفافية وزارة سامح فهمى >البترول سابقاًَ< لا تزال هى الأخرى فى واديها المصرّ على الجنوح نحو المقامرة بما تتحكم فيه من ثروات على أرض مصر، ولهذا كان للخبراء رأى مغاير لما تراه الوزارة الميمونة خاصة فيما يتعلق بعقد شركة >فينوسا< الإسبانية والذى تبيع الوزارة بموجبه الغاز الطبيعى بـ (75 سنتا) لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.






الخبراء يقولون بأن
بأن لهذا العقد حلا يتضمن للأسف الشديد سداد قيمة الشرط الجزائى، وهو بحسب مصادر مطلعة دولار واحد عن كل مليون وحدة حرارية بريطانية لا يتم توريدها لشركة >فينوسا< وعلى الرغم من ذلك يرى الخبراء أن دفع هذه الغرامة غير المسبوقة سوف يكون أقل بكثير من الخسارة الناتجة عن البيع بـ 75 سنتا، ذلك لأن المليون وحدة بحسب نشرات اقتصادية بترولية تباع فى السوق العالمى بـ 7،10 دولار وهو ما يعنى أن هناك ربحية تتجاوز 6 دولارات على أقل تقدير على الرغم من دفع الشرط الجزائى!!
الخبراء حذروا الوزير من مغامرة البيع بالنسبة لشركات البترول المصرية فحسب معلومات مؤكدة أعلنتها مؤسسة >مورجان استانلى< البريطانية فالوزير طرح على المؤسسة تسويق شركة >جيسوم< وحقل أبو قير للغاز لبيعهما لمستثمرين خليجيين علماً بأن شركة جيسوم مملوكة لهيئة البترول بنسبة 100% وهو ما يعنى أن الوزير يشرع فى بيع شركة رابحة دون علم أحد فى مصر!!فإذا علمنا أن شركة جيسوم للبترول تنتج 8000 برميل فى اليوم وهو ما يعادل 5،2 مليون برميل فى السنة أى أنها تحقق 150 مليون دولار سنوياً على أقل تقدير فإذا تم البيع بمبلغ 200 مليون دولار كما هومطروح على المستثمرين الخليجيين وحسب ما أعلنته >مرجان استانلى< فهذا يعنى أن إنتاج عام واحد يقترب من سعر البيع المعلن، فهل أدمن الوزير الخسارة ليعرض هذا العرض؟!
أو هل هناك صفقة غير معلنة وراء ذلك؟!.السيد الوزير يبدو أنه اكتشف فجأة أن هناك أصولاً وأملاكاً فى باطن الأرض لم يتم بيعها حتى الآن على اعتبار أن النظام السياسى فى مصر انتهج سياسة بيع كل الأصول على سطح الأرض ولم يتبق أمامهم إلا الثروات المخزونة فى باطن الأرض ومن الواضح أنهم لا يريدون أن يتركوا شيئاً للأجيال القادمة وهو الأمر الذى كشفت عنه صفقة سابقة هى صفقة مرجان استانلى والتى اقترضت بموجبها هيئة البترول المصرية 2 مليار دولار وهو ما وصفه خبراء فى مجال البترول >بالمقامرة< لبيع إنتاج مصر من البترول بواسطة سندات مالية تطرح فى البورصة الأمريكية.والسؤال الذى يطرح نفسه الآن هو: هل اطلع مجلس الشعب على تفاصيل صفقة بيع بل نقول >رهن< البترول المصرى مقابل قروض مالية من مصارف دولية؟.ويرى محللون اقتصاديون بأن صفقة بيع جزء من البترول المصرى إلى الشركة المصرفية >مورجان استانلى< تماثل بيع أسهم قناة السويس >حصة الحكومة المصرية< أيام الخديو إسماعيل إلى الحكومة البريطانية فى عهد رئيس الوزراء اليهودى رزرائيللى.
الصفقة لها قصة يجب أن تروى خاصة إن معلومات حصلنا عليها لم تنشر من قبل حول هذه الصفقة التى مرت دون أن تثارحولها الأخبار..لمدة عام كامل دارت مفاوضات سرية بين القاهرة ولندن ضمت ممثلين على أعلى مستوى من الهيئة المصرية العامة للبترول ووزارة البترول وتحت الإشراف المباشر للوزير سامح فهمى وبين ممثلى الشركتين المصرفيتين >مورجان استانلى< و >مارى لينش< وشارك فيها بعد فترة ممثلون عن بنك مصر والبنك الأهلى المصرى من خلال فروعهما فى لندن.
محور المفاوضات كان صفقة خاصة غريبة من نوعها لم تحدث من قبل كان توقيتها غريباً ومريباً فقد صاحبها لمعان نجم الوزير سامح فهمى ومفاتحة الرئيس مبارك له حسب ما قاله الوزير لمقربين منه بتشكيل وزارة جديدة مما دفعه إلى القيام بحركة جريئة تلفت الأنظار إلى قدراته الساحرة ومدى إمكانية حل المشاكل المستعصية.وفى ديسمبر 2004 تكشفت الأوضاع عن الصفقة المذهلة حينما تم الاتفاق بين الهيئة وشركتى >مرجان استانلى< و>بريل لينش< وقيل وقتها إن قيمة الصفقة مليار ونصف المليار دولار قرضا نقدىا تقدمه الشركتان للحكومة المصرية فى مقابل 5،2% من البترول الخام المصرى وبعض منتجاته البترولية >النافتا< وللعلم فإن النافتا المصرية وهى مشتق بترولى مهم تعتبر من أجود أنواع النافتا فى العالم وعادة ما تبيعها مصر بأعلى الأسعار نتيجة للتكالب عليها من كل شركات البتروكيماويات العالمية وكان الوزير قد صرح حينذاك بأننا نبيع من المنبع وليس لنا علاقة بطريقة جمع قيمة الصفقة بمعرفة المؤسستين الماليتين سواء عبر السندات أو طرح أوراق مالية أخرى فهذا لاعلاقة للوزارة به ونفى علمه بسعر الفائدة على تلك السندات المطروحة.
.الغريب والمريب معاً أنه قدم الموضوع على أنه إنجاز كبير لصالح مصر بينما الموضوع ـ فى حقيقة الأمر ـ كارثة تتعلق بمديونية جديدة فى رقبة الأجيال القادمة ورهن لجزء من بترول البلد وإنقاص من الاحتياطى الخاص بالمستقبل وقد أخفت وزارة البترول المصرية ما تضمنه القرض من سداد 5،2% من إنتاج مصر البترولى والنافتا لمدة 5 سنوات ثم اتضح بعد ذلك أنها 6 سنوات كما أخفى أن مصر ستدفع فائدة قدرها 9% على القرض وهوما تم إعلانه فيما بعد ليس فى مصر ولكن داخل الصحافة ـ الاقتصادية الدولية لم يعرف كيف تم تسعير براميل البترول المدعم وإن كان المفهوم أن الاتفاق تم على أساس سعر برميل البترول وقت الصفقة، وكان حينئذ فى حدود 35 دولاراً للبرميل >واليوم كما هو معلوم سعر برميل البترول يتجاوز 71 دولارا<.
وسوف يزيد السعر بالتأكيد خلال السنوات القادمة حتى انتهاء موعد القرض وحتى يتهرب الوزير من المسئولية حول هذه الصفقة التى تعد جريمة فى حق الاقتصاد المصرى قال فى تصريحات صحفية عام 2004 صراحة إن هذه الصفقة وافقت عليها الحكومة المصرية وسيتم ضخ قيمتها فى الخزانة العامة مباشرة لإعادة استثمارها فى المشروعات التنموية والاجتماعيةالكبرى، ولتخفيض أسعار الدولارفى سوق الصرف وهو ما يرى خبراء البترول بأنه كلام ظاهره الرحمة وباطنه العذاب حيث استخدمت عبارات وطنية للتغطية على مصيبة ومقامرة من نوع جديد ثم يؤكد الوزير والذى خانه ذكاؤه بأن الصفقة إحدى نتاج الفكر الاقتصادى الاستثمارى لقطاع البترول لإنعاش موارد الدولة المالية على حد قوله ـ لكنه كان يقول هذا الكلام وعينه على كرسى رئاسة الوزارة الذى قيل عند مفاتحته فيه وفى 13 مارس 2005 دخلت الاتفاقية موضع التنفيذ واتضح أن هيئة البترول المصرية ستسلم كامل إنتاج الشركة العامة للبترول من خام خليط رأس غارب ويقدر بنحو 2 مليون طن زيت خام بالإضافة إلى إنتاج شركة >جيسوم< فضلاً عن كميات من النافاتا السنوية.
الشىء المذهل أن شركة >مرجان استانلى< طلبت قبل منح القرض دراسة تقييمية لحجم إنتاج مصر من البترول والاحتياطى المستقبلى وأسندت الدراسة لمكتب الخبير العالمى >وود ماكنزى< وقد كشفت الدراسة أن مديونية قطاع البترول المصرى وصلت إلى أربعة مليارات دولار وهو ما يعنى أن هناك نهباً منظماً لثروة مصر البترولية كما كشفت الدراسة عن إنتاج مصر من البترول والذى يتجاوز 62 ألف برميل يومياً بعد أن كانت قبل تولى الوزير فى عهد سابقه حمدى البمبى، 900 ألف برميل يومياً أى أنه يوجد تناقص حاد يتجاوز الثلث كما كشفت الدراسة بأن الاحتياطى من البترول الخام يكفى لـ 7 سنوات فقط وأن الاحتياطى من الغاز يكفى لمدة 16 سنة وأن حجم الاحتياطى سنة وأن حجم الاحتياطى التجارى نحو62 تريليون قدم مكعب وهو ما يعنى أن هذه الأرقام الدقيقة والتى حجبت عن الرأى العام تختلف تماماً الأرقام التى يعلنها الوزير وتعنى غياب الشفافية وإخفاء الحقائق على الرأى العام.تقرير ما كنزى المفاجأة لم يكن الأخير فقد أعلن الدكتور رشدى سعيد >أبو الجيولوجيا المصرية< خلال محاضرة ألقاها بجامعة أسيوط أمام المؤتمر الدولى للتنمية والبيئة فى العالم العربى فى مارس 2006 أن احتياطى مصر من الزيت الخام يكفى لمدة 6 سنوات
وإن حجم إنتاج البترول المصرى يقل من سنة إلى أخرى كما أن نسبة الغاز الطبيعى المنتج فى مصر تكفى لمدة 16 سنة طبقاً لدراسات استراتيجية وطالب د. سعيد المسئولين بضرورة البحث عن بدائل لتوليد الطاقة البديلة لسد الاحتياجات المستقبلية!!.
حقوق النسخ محفوظة © بواسطة مـوقـع حــزب الـكـرامــــــــه


إقـرءالمـزيد!

شهر عظيم شهر مبارك


عن سلمان الفارسى رضى الله عنه قال
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى اخر يوم من شعبان فقال يا ايها الناس قد اظلكم شهر عظيم شهر مبارك , شهر فيه ليله خير من الف شهر , جعل الله صيامه فريضه وقيام ليله تطوعا , من تقرب فيه بخصله من الخير كان كمن أدى فريضه فيما سواه , ومن أدى فريضه فيه كان كمن أدى سبعين فريضه فيما سواه



وهو شهرالصبر والصبر ثوابه الجنه , وشهر المواساة وشهر يزاد فيه رزق المؤمن , من فطر فيه صائما كان له مغفرة من ذنوبه, وعتق رقبته من النار , وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شئ قلنا : يا رسول الله لسنا كلنا نجد ما يفطر الصائم ؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يعطى الله هذا الثواب من فطر صائما على مزقة لبن او تمره او شربة ماء , ومن اشبع صائما سقاه الله من حوضى شربه لايظمأ حتى يدخل الجنه وهو شهر اوله رحمه واوسطه مغفره واخره عتق من النارمن خفف عن مملوكه فيه غُفر له واعتق من النار


فاستكثروا فيه من اربع خصا ل خصلتان ترضون بهما ربكم وخصلتان لا غنى بكم عنهمافاما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة ان لا اله الا الله وتستغفرونهواما اللتان لاغنى بكم عنهما فتسألون الله الجنه وتعوذون به من النار


إقـرءالمـزيد!

خير امة

كنتم خير أمة أخرجت للناس
تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله

This is the e-mail address of the office of communications and suggestions of the Vatican you can write to them your opinion on what the pope says about Islam and our Prophet Mohamed (SAAW) just remember never get ANGRY
office@net.va
below is some Questions I already submit it to the pope , you can write what ever you like but remember again do not be angryTo the Pope
1- where do you find in the Holy Qura'an an order to Muslims to spread Islam by sword ?
2- how did you get your ideas on "Islam blocking the mind"
3- can you tell us your opinion on the history of the Catholic Church with the thinkers ?
4- who do you think established the civilizations which you are enjoying it now ?
5- where do you find in the Holy Bible that Juses order you to eat in a plat made from Gold or sleep on a bed made from Gold ?!
6-will you accept to have a public debate about your ideas with a Muslim scholar?
7- can you tell us your opinion on the blood that has been shed by the Crusade when they enter
Jerusalem in July 1099


إقـرءالمـزيد!

10/17/06

حكايات الثورة العربية الكبرى

وعاد في صمت إلى مزرعة
بقلم محمد المجذوب
لم يذق طعم النوم قط. إنه يتقلب على فراشه الضيق الخشن منذ أوى إليه عند منصف الليل.. وقد حاول بكل طاقته إخلاص فكره من ذلك التشويش القلق الذي يراوده





ولكن عبثاً.. لقد كانت محولاته وسيلة أخرى لإطلاق مقادير غير متوقعة من ذلك التشويش
فهو لا يتغلب على بعضها حتى يحتويه بعضها الآخر.. وراح يحدق عبر الظلام لعله يلمح شيئاً يصرفه عن أوهامه التي لم يستطع لها تحديداً ولا توضيحاً.. فيرتد بصره حسيراً، إذْ لا يرى سوى تلك الخيام المنتشرة في بطن هذه الصحراء الممتدة حول ( معان ) .. وقد سكن كل شيء فيها إلا أقدام الحراس تتحرك هنا وهناك، فتطلق ما يشبه الحديث المهموس..وفجأة هب من فراشه، وكأنما هز قلبه خاطر.. ومدّ يديه يتلمس قربة الماء على عمود الخيمة ثم أخذ يصب منها على يديه ووجهه، حتى إذا أسبغ وضوءه، عمد إلى غطائه فبسطه ثم أقبل يصلي فوقه



وما إن أتم ركعتيه حتى أتبعهما بأُخْرَيَيْنِ.. ولم يشأ أن يزعج الراقدين من زملائه في الخيام المجاورة، فلم يجهر بقراءته، على الرغم مما وجده من شوق إلى ذلك، إذ أحس في تلك الركعات نشوة لا يذكر أنّه تذوّق مثلها من قبل.. ولعل ذلك عائد إلى بُعد عهده بصلاة الليل، بل بالصلاة كلها، التي كاد يقطع بها صلته، منذ ساقته الأقدار إلى الاندماج في تلك الجمعية، التي استولت عليه وعلى الكثرة من مواطنين الدمشقيين، الذين كانوا يتلقون علومهم العسكرية في عاصمة الخلافة..لقد نشأ فخري.. في وسط إسلامي محافظ، وبدأ دروسه الأولى على أيدي الفضلاء من مشايخ دمشق، الذين عليهم قرأ القرآن، وباشر مطالعة الحديث، وتلقى مبادئ الفقه، فلما التحق بالمدارس الرسمية لم يبتعد عن هذا الجو النقي، إذ كانت مناهجها ذات صلة وثيقة بتلك المعاني


واستمر في هذه السبيل حتى انتقل إلى استانبول.. وهناك فقط بدأ يتحلل من تلك الروابط الروحية، إذ وجه نفسه مأخوذاً بصحبة شباب ذوي ثقافة أخرى، يتلقونها في اجتماعاتهم الخاصة، على أيدي رجال عادوا من أوروبة حديثاً، مزودين بمفهومات عن الدولة والقومية والتطور لم يستطع مقاومة إغرائها، فإذا هو ينساق في تيارهم شيئاً فشيئاً، حتى لم يعد يحس بأي قلق إذا هو أخرّ وقت صلاته، أو أغفلها كلياً..وساقته الذكريات المتفاعلة إلى أمسه البعيد.. إلى أيام استانبول تلك.. وما سبقها.. فإذا هو يستعيد، على غير توقع، بعض ما فقده من ذلك الروح الذي أشرق على قلبه لأول مرة في دمشق، التي يذوب حنيناً إلى لقائها.. والتي كان إلى وقت قريب على مثل اليقين أنه يكدح من أجلها.. من أجل استرداد جلالها، الذي تألقت به تاجاً على مفرق الدنيا أيام معاوية وخلفائه



ثم جاءت الكوارث تضرب في أكنافها، حتى جردتها من عزة السلطان، وجعلتها ذيلاً لغيرها من العواصم..ثم لم تكتفِ حتى أتت على سيادة الجنس العربي كله، إذ انتزعت منه زمام القيادة، لتضعه في أكف الغرباء من هؤلاء الأتراك الذين خرج عليهم مع هؤلاء الخارجين من إخوانه وأبناء جلدته..وأطرق فخري يتأمل خلال هذه الأحداث، فلا يتمالك أن يتمتم في حيرة لا يستطيع كتمانها: أحقاً نحن في الطريق إلى عزة العرب!…وتتفجر التساؤلات الحائرة متتابعة وراء ذلك:- أليس من سبيل لهذه العزة إلا بالخروج على دولة الخلافة؟..- والخروج على الخلافة.. أليس خروجاً على الإسلام؟..- وهل صحيح أن العروبة حقيقة مجردة عن الإسلام؟..- ولماذا نقاتل دولة الخلافة مع الإنجليز؟.. مع ألد أعداء الإسلام؟..واستحال عليه أن يجد جواباً حاسماً لأي من هذه الأسئلة، ومن هنا تفاقمت حيرته



وانطلق خياله يحوك له أشباح الأحداث في صورة مثيرة لا يقع فيها على ما يَسُر..إنه ليتذكر الآن المشهد الذي واجهه ذات يوم في تصرفات ( لورنس ).. ذاك الذي يصر على أن يلقب بصديق العرب.. إذ كان يشرف على نسف الخطوط الحديدية بأيدي جنوده من العرب المسلمين، فما إن يقتلعون منها قطعة حتى تضج كفاه بالتصفيق لهم، وما إن ينسفون جسراً حتى يقبل على مفجري ألغامه يعانقهم، ويمطر بالقبلات الحارة رؤوسهم.. ولا يكتفي بهذا حتى يطرح نفسه فوق أطلال تلك الخرائب، كأنه يهب لها أيضاً نصيبها من قبلاته!.. ولمَ كل هذا الفرح؟!..ولأول مرة يحرك فخري شفتيه بهذا الجواب: لأن لورنس كان يعلم أنه يسجل بكل ضربة لهذا المشروع انتصاراً للصليبية المطاردة للإسلام!..أليست سكة حديد الحجاز هذه هي الرباط العصري الذي يشد أجزاء الوطن الإسلامي إلى مركز الخلافة؟.. أليست هي الخطوة الكبرى والأولى في سبيل تعميق وحدة المسلمين، للصمود في وجه القوة الباغية، التي يحركها الحقد الصليبي المزمن لتدمير الإسلام!



ومع ذلك.. يتبرع العرب المسلمون بتحقيق هذه الجريمة تحت قيادة صديقهم ( لورنس ) .. الذي فتنوا به، وبأسلوبه الشيطاني، حتى ليسمون بعض أبنائهم باسمه!..وكانت أشعة الفجر قد بدأت تتمطى وراء الكثبان البعيدة، فتغتسل الصحراء بأضوائه الرمادية الحزينة.. وكأن يداً خفية تجتذب ذراع فخري فينهض من مصلاه ليحرك خطاه خارج خيمته في أناة، ودون أن يحدد لقدميه اتجاهاً.ومرّ ببصره على مئات الخيام القائمة هنا وهناك.. وتذكر أن ألوفا يرقدون الآن تحتها، دون أن يفكروا بالمصير الذي يقادون إليه.. إلا حلماً رقيقاً هو أن يقوم للعرب كيان جديد، يؤمن لكل عربي حياة أفضل..وانتهت الخطى بفخري إلى خارج حدود المعسكر



وتفتقت ذاكرته عن مشاهد جديدة طرية.. لم يحن أوان جفافها بعد..إنه ليتذكر رحلته إلى الهند، يوم أن انتدبه لورانس لتحريك المسلمين من أجل التطوع في صفوف الإنجليز.. فمضى وهو يحسب أنه يقوم بخدمة للثورة العربية، إذ يقدم لحلفائها رافداً من القوة يساعد على التعجيل بنهاية الحرب.. ولكنه ما إن بدأ محاولته مع علماء الإسلام وزعماء المسلمين حتى شرع يواجه الحقيقة التي قد نسيها تماماً..لقد اصطدم بعقبات من الوعي الإسلامي لم تدع له أي أمل بنجاح رحلته..إن المسلمين في الهند - حتى العامة منهم - يعتبرونها معركة بين الإسلام والصليبية، وينظرون إلى الخليفة كرمز لوحة العالم الإسلامي، فالخروج عليه إنما هو خروج من الإسلام إلى الكفر.. إنهم لا ينكرون أن ثمة أخطاء في مسيرة دولة الخلافة، ولكنهم موقنون بأن تصحيحها ليس في تأييد أعدائها.وقد بلغ تشدد مسلمي الهند في هذا الموقف إلى حد أن إرهاب الإنجليز، على قسوته وهوله



لم يحل بينهم وبين الجهر بمبادئهم هذه، وهؤلاء علماؤهم، وفي مقدمتهم مولانا محمد علي، ينهضون بعبء الدعوة للتمرد على الإنجليز، ويعلنون بكل الوسائل وجوب النصرة لإمام المسلمين في هذه الحرب.. ويرفعون الشعار القائل: إن كل متطوع في جيش الإنجليز لحرب الخليفة خارجٌ عن ربقة الإسلام، مرتد عن سبيل المؤمنين.. وقد صدع مولانا محمد علي بذلك حتى أمام المحكمة التي شكلها الإنجليز لمحاكمته وإخوانه من علماء الإسلام، فاتخذ من قفص المحكمة منبراً لإعلان حكم الشريعة الذي لا يقبل رداً ولا نقضاً..لقد عاد فخري من رحلته تلك صفر اليدين لم يصب أي غرض.. بل عاد وفي قلبه تلك التساؤلات التي ما تفتأ تقلقه وتثير أرقه.. وكثيراً ما ردد على نفسه، كلما أتيح له أن يخلو إليها، مثل هذا القول: لماذا كناّ نحن العرب أسرع استجابة لإغواء الإنجليز من مسلمي الهند؟.. لماذا نكون أقل منهم غيرة على حرم الإسلام؟!..وانتزعه من تأملاته خفق نعل متحفظ خلفه



ثم سمع صوتاً يخاطبه في عربية أجنبية: هالو فَكْري.. إلى أين؟..وعرف فخري مخاطبه من لهجته. إنه مدير الاستخبارات الإنجليز جون.. الذي يمتاز على كل من عرفه من أبناء جنسه بصراحته الغريبة..وتوقف فخري ريثما انتهى إليه صاحبه، ورد تحيته، وصافح يده الممدودة، واستأنفا السير معا..ولم يشأ الفتى الشامي أن يخرج عن صمته الذي كان عليه، فلم يسع الكهل السكسوني إلا أن يبدأ هو بالكلام فقال، وهو يلوح بغليونه ليساعده على الاشتعال: أراك مشغول الفكر.. فهل ثمة ما يُزإجك؟!..وصمت فخري قليلاً كأنه يستفتي عقله في الجواب..ثم قال: لا بد..- تَبْأً.. أنت في شوكٍ إلى دمشق.. إتْمئِن .. سوف تدخلها كريباً..- هذا ما أتوقعه بعد انتصاركم على الجيش العثماني في معركة القناة..- تَبْأً.. تَبْأً.. فما الذي يشغلك إذن؟!..- اسمع يا مستر جون.. إني أسأل نفسي عن مصير هذه الشركة بيننا وبينكم..وكأن الكهل السكسوني لم يسمع غير ما توقع.. فلم يبدُ عليه انفعال



وبكل هدوء عقب على كلام الفتى بقوله: على كل حال.. سنظل أسدكاء..وانصرف فخري بوجهه إلى الرجل ليقول له: القضية أكبر من الصداقة يا .. مستر جون .. إني أتساءل عن مصير العهود التي بيننا وبينكم..- كن سريهاً.. يا فكري بك ..- سأكون في منتهى الصراحة.. فهل تعدني بمثلها؟..- نَأمْ.. نَأمْ.. كُلْ ما تريد..- لقد عاهدناكم على القتال بجانبكم، وعلى بذل كل ما نملك لنصرتكم، فوفّينا، وسنفي حتى النهاية، فهل أنتم وافون لنا بما عاهدتمونا؟..وكان في وسع جون أن يستغني بابتسامته عن كلامه، ولكنه آثر أن يحقق ما وعد به من الصراحة فقال، وهو ينظر إلى صاحبه من خلال دخانه: ألْكَدِيّةُ ليست أرَبِيّة فَكَتْ يا .. مستر فَكْرِي.. إنها دولية.. آلمية..إنها تَخُسُّ هُلفاء بريتانيا أيْداً..وفي حرقة لم يطق فخري إخفاءها قال: فمن أجل عيون حلفائكم إذن خرجنا على ديننا، وسفكنا دماءنا، وخربنا ديارنا، وحاربنا إخواننا !!..ولم يستطع أن يملك أعصابه فإذا هو يضرب جبهته بباطن راحته.. وكانت ضربة محكمة كما يبدو، لم تلبث أن انتزعته من حُلمه الثقيل الطويل.. ليجد نفسه على سريره في مزرعته التي لجأ إليهافراراً من التدهور السياسي الذي لم يعد يطيق معايشته



وتناول فخري من خادمه الوفي قدح القهوة وهو لا يزال على فراشه.. وشيئاً فشيئاً استرد كامل وعيه، ولكنه لم يستطع أن ينفض رأسه من آثار تلك الوقائع التي انطوت فوقها صفحات ثلاثة عقود من السنين.. وراح يستعيدها في يقظته، فلا تكاد تزيد عمّا شهده قبل قليل في غفوته.. وسرعان ما اتصلت أحداث ذلك الماضي، النائم في زوايا عقله الباطن، بما تلاها من أحداث لا تزال تلاحقه منذ ذلك اليوم، دون أن يستطيع منها فكاكاً..وترك لخياله أن يعرض من أطيافه ما شاء.. فإذا هو تلقاء شريط لا يكاد يحيط بمضمونه.. إنه ليتابع ذاته المتحركة خلال هاتيك المشاهدات، فيراها مسيّرةً بقوة الاستعمار مع تلك المجموعات الزاحفة باتجاه دمشق.. ثم يرى إلى هذا الفتى وقد غاص إلى أذنيه في مشكلات بلاده، فهو عضو في (كتلة) ألفت بينها وحدة الاتجاه لتحرير الوطن من طغيان هذا الاستعمار، الذي أعقب انتصار الحلفاء ونقضَ الإنجليز لعهودهم التي لم يجف مدادها بعد.. ثم يراه وقد اندفع يثير حمية الشباب ليلهب طاقاتهم في هذه المعركة. وبأسلوبه المرح وسلوكه الشعبي استطاع أن يحقق الكثير، حتى لقد أصبح بحق ( زعيم الشباب ) كما كانوا يلقبونه..وخاض فخري مع رفاقه قادة تلك الكتلة معارك طويلة ضد الفرنسيين، الذين أعلنوا منذ اليوم الأول لاحتلالهم دمشق، وبلسان طاغيتهم الجنرال غورو



إنهم طليعة حملة صليبية جديدة، جاءت لتغيير الواقع الذي فرضه انتصار صلاح الدين على أسلافهم في حطين.. وكانت أصداء هذا التصميم تتجاوب في كل مكان وطئته أقدام الحلفاء من ديار الإسلام، ففي استانبول يدمرون قواعد الخلافة على يد مصطفى كمال، وفي فلسطين يطلق قائد الجيش الإنجليزي ( ألَنبي ) نذيره الدامي بإعلانه الوقح: أن الحروب الصليبية التي بدأها أجداده قبل ثمانية قرون قد انتهت بسحق القوى الإسلامية نهائياً.ولتوكيد هذا التصميم يبدؤون إقامة قواعد الدولة اليهودية في قلب فلسطين الإسلامية، لتكون منطلق الصليبية لتحطيم كل تحرك إسلامي..وهكذا قُدّر لفخري ورفاقه أن يتولوا كُبر هذا النضال، الذي رفع طاقة الشعب السوري إلى القمة.. وقُدّر له تبعاً لذلك أن ينال نصيبه من الاعتقال والتشريد، ثم يعود مع إخوانه لاستئناف الزحف دون هوادة ولا مهادنة، حتى شاء الله أن يحقق الرجاء، فيسلط على المستعمر الفرنسي زميله الإنجليزي بنهاية الحرب العالمية الثانية



فلا يزال هذا يحرض عليه، ويتيح السوريين أن يسوقوا الضربات إليه، حتى غادر الشام خاسئاً مدحورا.. وبذلك تسنى لكتلة أن تفرغ من مرحلة الكفاح إلى مرحلة الحكم، فتقيم الجمهورية - بعد الملكية العابرة - وتمكّن للشعب أن يترجم عن إرادته باختيار نوابه لأول مرة.. فيكوّن ثمة دولة حديثة، تتوفر لها كل وسائل التقدم..ولكن.. هل وجد فخري في ذلك كله ما يخفف القلق الذي ما زال يشحن صدره منذ أيام معان؟؟ وهل استطاعت الزعامة التي تبوأها بعد الاستقلال أن تسكت ذلك القرع الذي ما انفك يدق في جنبات قلبه حتى الآن؟..لقد أدرك فخري ببداهته أن المسيرة قد بدأت من نقطة الخطأ، وكان ذلك منذ آثر العاملون لها استبدال العصبية بالإسلام، فأعانوا أعداءهم على أنفسهم، وركنوا إلى الذين ظلموا فمستهم نار الدنيا قبل نار الآخرة.. إنهم - جميعاً - ليحسون بالأخطار تحدق بهم من كل مكان، وتنذرهم بألوان الحدثان..ولكنكم مع ذلك لا يعرفون سبيل إلى تداركها وصدها.. إنهم مسوقون إلى حيث لا يعلمون.. وإن أقدامهم لتنزلق كل يوم إلى حيث لا يتوقعون ولا يريدون. ومع استيقانهم ذلك كله لا يستطيع التوقف، فهم كالمنحدر في السفح



يرى هول ما هو صائر إليه، ولكنه لا يملك القدرة على اجتنابه…وذات يوم بلغ التوتر أقصاه في أعصاب فخري وفي توقعاته.. فأقبل على رفيقه المسئول الأول يصرخ به: أيها الرجل.. إن الماء يجري من تحتك..ألم تحس به بعد!.. لقد طالما نصحناك وإخوانك بالتخلص من ( القلاع ) التي استبقاها الفرنسيون لتدمير البلد .. فأبيتم أن تسمعوا .. حتى أوشك هي أن تتخلص منكم..إن أخطاءنا اليومية قد فتحت الثغرات أمام الأفكار الهدامة، لتغزو قلب الجيل الناشئ، وتسلحه بكل أدوات التخريب.. فبأي علاج تواجهون هذه السموم؟ .. وبأي سلاح ستصدون هذا الهجوم؟!..إن جهاز الحكم الذي يتكئ على المرتزقة لا يملك صلاحية الصمود طويلاً أمام الأحقاد التي يؤججها التنظيم الحزبي المضلل.. فمتى تفطنون إلى هذا الواقع؟ .. إذا لم ترحموا بلدكم.. فارحموا أنفسكم على الأقل .وكان فخري يهدر بهذه النُذرُ في حماسة طاغية أنسته واجبات المجاملة، وصرفت ذهنه على ملاحظة الأبهةالتي تحيط بمقام الرئاسة.. وبدا في موقفه، وقد صبغت الحمرة عينيه الواسعتين، وتقلصت عضلات وجهه الوردي



وباعد التهيج ما بين يديه، كأنه ملاكم يتحدى خصمه..على أن حماسة فخري لم تغير شيئاً من تفكير الرئيس ولا مَن حوله من خواص رجال الحكم.. وللمرة العشرين - على الأقل - يسمع مثل هذا الجواب الذي لا يزيده إلاّ حَنَقاً ويأساً: هَوِّنْ عليك يا فخري بك.. إن كل شيء على ما يرام..ومنذئذ آلى فخري على نفسه ألاّ يعود إلى مثل ذلك الموقف، وأن يهجر العمل السياسي.. ومن ثم أخذ طريقه في صمت إلى مزرعته، لينفض عن مكتبته غبار الزمن، وليستعيد معها بعض عهده الذي كاد ينساه..وكان فخري غارقاً في مقدمة ابن خلدون عندما انتزعه من غمرته تلك قرع الهاتف الذي أبى أن يسكت، فمدّ يده إليه دون أن يصرف نظره عمّا بين يديه من الكتاب..- آلو.. فخري بك؟..- من حضرتك؟.. وما تريد منه؟..- هنا حسني …- حسني !.. نعم .. عرفتك.. ماذا تريد؟..- أريد أن أراك.. إنني بانتظارك.. هنا في قصر المهاجرين..- في قصر المهاجرين!- نعم يا فخري بك.. في قصر المهاجرين!.. في قصر الرئاسة.- إذن.. هناك انقلاب عسكري!..- نعم انقلاب عسكري.. لقد أنهينا عهد الفوضى.. وقبضنا على أزمة السلطة لإنقاذ البلاد.. إن السيارة في الطريق إليك.. نريد أن ننتفع بآرائك يا .. فخري بك..وانقطع الحوار.. وأعاد فخري السماعة.. ثم أسند رأسه إلى راحته في هدوء غير طبيعي.. وكأنه كان على موعد مع الحدث



فلم يبد عليه أي أثر للاستغراب، وجعل يتمتم:محضتهمو نصحي يمنعرج اللوى.فلم يستبينوا النصح إلاّ ضحى الغد!.وما هي إلا لحظات حتى كانت سيارة عليها شارة الحرس الجمهوري تجتاز مدخل المزرعة لتستقر عند باب المنزل. ويهبط منها بعض الضباط لإبلاغه دعوة ( الزعيم ) .. وفي صمت كئيب يمضي معهم إلى السيارة، التي أخذت تنهب بهم الطرق، ثم تجتاز الشوارع، التي انتثر خلالها الجند بخوذهم الفولاذية وأسلحتهم الرشاشة.. حتى احتواهم القصر، الذي كان آخر عهده به يوم تلقى سمعه من سيده تلك الكلمة التي دفعته إلى عزلته ( .. كل شيء على ما يُرام.. ).وعلى الكرسي نفسه الذي غادر صديقه عليه ذلك اليوم.. استقبله صاحب الانقلاب في بشاشة صارمة وهو يقول: أهلاً بزعيم الشباب...وأجاب فخري بلهجته المطمئنة المرحة: ولكن عهد الشباب قد انتهى يا .. سيادة الزعيم



وعقب الزعيم وهو يهز يده: أجل.. لقد بدأ عهد جديد.. وعلى كل سوري أن ينصره بكل مواهبه. وطبيعي أن يكون فخري بك في مقدمة مؤيديه..وبعد لحظة صمت قال فخري: كل ما يملكه ابن سبعين مثلي أن يسأل الله لبلده الهداية والوعي الصحيح..وأردف الزعيم: أوليست حركتنا هذه طليعة الاستجابة لدعائك!.- ذلك ما أتمناه.. ولكن..- ولكن .. ماذا؟!..وبصراحته التي لم يستطع التخلي عنها يوماً قال: لقد فقدنا القدرة على الرؤية منذ اليوم الذين خرجنا على
الخلافة



إقـرءالمـزيد!

جمال حمدان.. شخصية مصر

عبد الستار الكبرتي
"جمال محمود صالح حمدان" أحد أعلام الجغرافيا في القرن العشرين، ولد في قرية "ناي" بمحافظة القليوبية بمصر في 12 شعبان 1346هـ ،4 فبراير سنة 1928م، ونشأ في أسرة كريمة طيبة تنحدر من قبيلة "بني حمدان" العربية التي نزحت إلى مصر في أثناء الفتح الإسلامي



كان والده أزهريا مدرّسًا للغة العربية في مدرسة شبرا التي التحق بها ولده جمال، وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1358هـ ـ 1939م، وقد اهتم الأب بتحفيظ أبنائه السبعة القرآن الكريم، وتجويده وتلاوته على يديه؛ مما كان له أثر بالغ على شخصية جمال حمدان
وعلى امتلاكه نواصي اللغة العربية؛ مما غلّب على كتاباته الأسلوب الأدبي المبدع.وبعد الابتدائية التحق جمال حمدان بالمدرسة "التوفيقية الثانوية"، وحصل على شهادة الثقافة عام 1362هـ ـ 1943م، ثم حصل على التوجيهية الثانوية عام 1363هـ ـ 1944م، وكان ترتيبه السادس على القطر المصري، ثم التحق بكلية الآداب قسم الجغرافيا، وكان طالبا متفوقا ومتميزا خلال مرحلة الدراسة في الجامعة، حيث كان منكبا على البحث والدراسة، متفرغا للعلم والتحصيل.وفي عام 1367هـ ـ 1948م تخرج في كليته، وتم تعيينه معيدا بها، ثم أوفدته الجامعة في بعثة إلى بريطانيا سنة 1368هـ ـ 1949م، حصل خلالها على الدكتوراه في فلسفة الجغرافيا من جامعة "ريدنج" عام 1372 هـ ـ 1953م، وكان موضوع رسالته: "سكان وسط الدلتا قديما وحديثا"، ولم تترجم رسالته تلك حتى وفاته
وبعد عودته من بعثته انضم إلى هيئة التدريس بقسم الجغرافيا في كلية الآداب جامعة القاهرة، ثم رُقّي أستاذا مساعدا، وأصدر في فترة تواجده بالجامعة كتبه الثلاثة الأولى وهي: "جغرافيا المدن"، و"المظاهر الجغرافية لمجموعة مدينة الخرطوم" (المدينة المثلثة)، و"دراسات عن العالم العربي" وقد حصل بهذه الكتب على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1379هـ ـ 1959م، ولفتت إليه أنظار الحركة الثقافية عامة، وفي الوقت نفسه أكسبته غيرة بعض زملائه وأساتذته داخل الجامعة.وفي عام 1383هـ ـ 1963م تقدّم باستقالته من الجامعة؛ احتجاجا على تخطيه في الترقية إلى وظيفة أستاذ، وتفرغ للبحث والتأليف حتى وفاته
وكانت فترة التفرغ هذه هي البوتقة التي أفرزت التفاعلات العلمية والفكرية والنفسية لجمال حمدان.علاقة الجغرافيا بالحياةويعد جمال حمدان ذا أسلوب متميز داخل حركة الثقافة العربية المعاصرة في الفكر الإستراتيجي، يقوم على منهج شامل معلوماتي وتجريبي وتاريخي من ناحية، وعلى مدى مكتشفات علوم: الجغرافيا والتاريخ والسكان والاقتصاد والسياسة والبيئة والتخطيط والاجتماع السكاني والثقافي بشكل خاص من ناحية أخرى.ولا يرى جمال حمدان في علم الجغرافيا ذلك العلم الوضعي الذي يقف على حدود الموقع والتضاريس، وإنما هو علم يمزج بين تلك العلوم المختلفة؛ فالجغرافيا هي "تلك التي إذا عرفتها عرفت كل شيء عن نمط الحياة في هذا المكان أو ذاك
جغرافية الحياة التي إن بدأت من أعلى آفاق الفكر الجغرافي في التاريخ والسياسة فإنها لا تستنكف عن أن تنفذ أو تنزل إلى أدق دقائق حياة الناس العادية في الإقليم".وإذا كانت الجغرافيا -كما يقول في تقديمه لكتاب "شخصية مصر" في الاتجاه السائد بين المدارس المعاصرة- هي علم "التباين الأرضي"، أي التعرف على الاختلافات الرئيسية بين أجزاء الأرض على مختلف المستويات؛ فمن الطبيعي أن تكون قمة الجغرافيا هي التعرف على "شخصيات الأقاليم"، والشخصية الإقليمية شيء أكبر من مجرد المحصلة الرياضية لخصائص وتوزيعات الإقليم، إنها تتساءل أساسا عما يعطي منطقة تفرّدها وتميزها بين سائر المناطق، كما تريد أن تنفذ إلى روح المكان لتستشف عبقريته الذاتية التي تحدد شخصيته الكامنة.. ولئن بدا أن هذا يجعل للجغرافيا نهجا فلسفيا متنافرا يتأرجح بين علم وفن وفلسفة
فيمكن أن نضيف للتوضيح: علم بمادتها، وفن بمعالجتها، وفلسفة بنظراتها.. والواقع أن هذا المنهج المثلث يعني ببساطة أنه ينقلنا بالجغرافيا من مرحلة المعرفة إلى مرحلة التفكير، من جغرافية الحقائق المرصوصة إلى جغرافية الأفكار الرفيعة.وكانت رؤية جمال حمدان للعلاقة بين الإنسان والطبيعة في المكان والزمان متوازنة، فلا ينحاز إلى طرف على حساب الآخر، ويظهر ذلك واضحا في كتابه المشار إليه آنفا، والذي تبرز فيه نظرته الجغرافية المتوازنة للعلاقة بين الإنسان المصري والطبيعة بصفة عامة والنيل بصفة خاصة، وكيف أفضت هذه العلاقة إلى صياغة الحضارة المصرية على الوجهين: المادي والروحي.آثاره وإنجازاتهلقد كان لعبقرية جمال حمدان ونظرته العميقة الثاقبة فضل السبق لكثير من التحليلات والآراء التي استُغربت وقت إفصاحه عنها، وأكدتها الأيام بعد ذلك؛ فقد أدرك بنظره الثاقب كيف أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة، وكان ذلك عام 1388هـ ـ 1968م
فإذا الذي تنبأ به يتحقق بعد إحدى وعشرين سنة، عام 1409هـ ـ 1989م، حيث حدث الزلزال الذي هز أركان أوروبا الشرقية، وانتهى الأمر بانهيار أحجار الكتلة الشرقية، وتباعد دولها الأوروبية عن الاتحاد السوفيتي، ثم تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه عام 1411هـ ـ 1991م (إستراتيجية الاستعمار والتحرر).وفي شهر فبراير 1387هـ ـ 1967م أصدر جمال حمدان كتابه "اليهود أنثروبولوجيًا" والذي أثبت فيه أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية "الخزر التترية" التي قامت بين "بحر قزوين" و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي.. وهذا ما أكده بعد ذلك "آرثر بونيسلر" مؤلف كتاب "القبيلة الثالثة عشرة" الذي صدر عام 1396هـ ـ 1976م.وقد ترك جمال حمدان 29 كتابا و79 بحثا ومقالة، يأتي في مقدمتها كتاب "شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان"
وكان قد أصدر الصياغة الأولى له سنة 1387هـ 1967م في نحو 300 صفحة من القطع الصغير، ثم تفرغ لإنجاز صياغته النهائية لمدة عشر سنوات، حتى صدر مكتملا في أربعة مجلدات خلال السنوات بين 1401هـ ـ1981م: 1404هـ ـ 1984م.وعلى الرغم من إسهامات جمال حمدان الجغرافية، وتمكنه من أدواته؛ فإنه لم يهتم بالتنظير وتجسيد فكره وفلسفته التي يرتكز عليها.الجوائز والوفاةوقد حظي جمال حمدان بالتكريم داخل مصر وخارجها؛ حيث مُنح جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية سنة 1406هـ ـ 1986م، ومنحته الكويت جائزة التقدم العلمي سنة 1413هـ ـ 1992م، فضلا عن حصوله عام 1379هـ ـ 1959م على جائزة الدول التشجيعية في العلوم الاجتماعية، وكذلك حصل على وسام العلوم من الطبقة الأولى عن كتابه "شخصية مصر" عام 1411هـ ـ 1988م
عُرضت عليه كثير من المناصب التي يلهث وراءها كثير من الزعامات، وكان يقابل هذه العروض بالاعتذار، مُؤْثِرًا تفرغه في صومعة البحث العلمي، فعلى سبيل المثال تم ترشيحه عام 1403هـ ـ 1983م لتمثيل مصر في إحدى اللجان الهامة بالأمم المتحدة، ولكنه اعتذر عن ذلك، رغم المحاولات المتكررة لإثنائه عن الاعتذار. كما اعتذر بأدب ورقة عن عضوية مجمع اللغة العربية، وكذلك عن رئاسة جامعة الكويت… وغير ذلك الكثير.وفي الساعة الرابعة من بعد ظهر السبت في 17 إبريل من عام 1413هـ ـ 1993م، انتقل إلى جوار ربه، إثر فاجعة أودت بحياته نتيجة تسرب الغاز من أنبوب البوتاجاز في أثناء قيامه بإعداد كوب من الشاي لنفسه


إقـرءالمـزيد!

نص رواية العميد داود لحادثة الثكنة في مرجعيون

تناقض في المعطيات ومبررات واهية
نص التقرير الذي وضعه العميد عدنان داوود قائد القوة الأمنية المشتركة في ثكنة مرجعيون الساعة 9:30 من تاريخ 10\ 8\ 2006




وصل العدو الإسرائيلي الذي كان قد توغل في الأراضي اللبنانية الى ثكنة مرجعيون وتوقف أحد ضباطه عند المدخل الشرقي للثكنة طالباً من أحد الخفراء الاتصال بي (طبعاً باللغة الانكليزية) ليكلمني
فكلمته وسألته عن مراده فأجاب بأنه يريد أن يكلمني، فقلت له: «ها أنا أكلمك» فأجاب بأنه يريد مقابلتي ليحدثني،فقلت
له إنني سأحضر الى مدخل الثكنة وعليه الانتظار. على الفور، اتصلت بمعالي وزير الداخلية شارحاً له ما حدث، فأشارمعاليه بالموافقة على لقائه... اصطحبت معي ضابطين ونزلنا الى مدخل الثكنة الذي يبعد حوالى 200 متر،فإذا برائد من الجيش الإسرائيلي العدو يبادر بأداء التحية قائلاً إن علينا أن نتباحث في شؤون الثكنة وكيفية جعلها خارج العمليات الحربية، لذلك فهو يريد أن يعرف عديد العناصر الموجودة بداخلها وعديد الأسلحة ونوعها، وهل يوجد بداخلها عناصر من حزب الله أم لا، وأن ذلك سيحصل عندما سيحضر قائده
وبعد خمس دقائق بالتحديد، حضر الى مدخل الثكنة عدد كبير من العناصر مع الآليات، بينهم المقدم الذي عرّف عن نفسه بأنه يدعى «أشعيا» والذي قال إنه من القوات الإسرائيلية المحتلة وسيدخل الثكنة لمعرفة ما سبق أن أعلنه أمامنا الرائد. دخلت معه مجبراً الى الثكنة حيث ألقى نظرة على المباني وعلى مخازن الأسلحة وفتش في الغرف، ولما سألته عن السبب قال إن لديه أمراً بمعرفة إذا كان بين العناصر أي عنصر لحزب الله أو أي عنصر من عناصرنا يدين بالولاء لحزب الله. وقد أجبته بأن الثكنة تضم عناصر من قوى الأمن الداخلي وعناصر من الجيش اللبناني، وأننا جميعاً نتبع لوزارة الداخلية ولا إمكان لوجود أي عنصر من العناصر المذكورة بيننا
بعد هذه الإجراءات التي سببت لنا جميعاً الاستياء، والتي بقيت خلالها حذراً خوفاً من وقوع أي حادثة قد تؤدي الى كارثة أكيدة، سألته عن وقت مغادرته الثكنة؟ فأجاب بأنه ينتظر أمراً بذلك. وبعد قليل غادر قائلاً إنه من الممكن أن يعود... الساعة 16:00 مساءً وبينما كنت مع بعض الضباط في مكتبي، فوجئنا بإطلاق نيران غزيرة داخل الثكنة وبحركة دبابات عنيفة، فخرجت مسرعاً وإذ بي أرى عدداً كبيراً من أفراد جيش العدو الإسرائيلي وآليات ضخمة ودبابات قد دخلت الى باحة الثكنة، فصرخت بأعلى صوتي وبتحدّ كبير: «لماذا هذا؟ على شو هذا العمل؟ فقد تكلمنا مع المقدم «أشعيا» وقد عرف أننا قطعة غير مقاتلة! فلماذا هذا الهجوم بالرصاص والآليات والدبابات؟»
على الفور، توجه نحوي ضابط أسمر اللون داكن قائلاً إنه «المقدم محمد» من جيش الدفاع الإسرائيلي، وإن ما جرى مع المقدم «أشعيا» أصبح وراءنا، وأشار الى ضابط برتبة عقيد قائلاً بأنه العقيد «غيل» قائد الحملة العسكرية في مرجعيون، وأن علينا الجلوس للتفاوض سائلاً أين مكتبي؟ عندها دخلوا المكتب من دون شورى أو دستور، وقال إن عليه أن يبلغني قراراً صادراً عن جيش الدفاع الإسرائيلي بتمركزهم داخل الثكنة، وأن علينا نحن البقاء معهم بداخلها. فأجبته على الفور بأن هذا الأمر مستحيل لأنهم أعداء بالنسبة إلينا ولا يمكن أن نكون في ثكنة واحدة
فسارع الى القول إن هناك تجارب سابقة، منها تجربة «سعد حداد» وتجربة «أنطوان لحد». فبادرته بأنني «عدنان داوود» ولست بـ«أنطوان لحد» أو بـ«سعد حداد» وهذا غير ممكن بالنسبة إلي بل مستحيل! ولديّ رؤساء أبلغهم بالأمر. فسألني من يكون رئيسي؟ فقلت له إنه الدكتور فتفت وزير الداخلية، فصرخ بأن الوزير فتفت من حزب الله! فأجبته بسخرية: «ما شاء الله على معلوماتكم؟»، عندها قال إن الرئيس «السنيورة» هو رئيس جيد. وبالفعل اتصلت بمعالي وزير الداخلية الذي طلب مني التريث معهم وإلهاءهم خمس عشرة دقيقة لإجراء الاتصالات
بعد خمس عشرة دقيقة، اتصل معالي وزير الداخلية بي قائلاً بأن الرئيس «السنيورة» اتصل بالسفير الأميركي في بيروت الذي بدوره اتصل بالسفير الأميركي في إسرائيل والذي بدوره أيضاً اتصل بوزير الدفاع الإسرائيلي الذي قال له بأن هذا الأمر غير صحيح وعليّ إبلاغهم بذلك! شرحت لهما ما قاله معالي الوزير، فأجابا بالنفي وبأن عليهما أن يتلقّيا أمراً بذلك من رؤسائهم وليس لديهم الوقت الكافي للكلام، ومنعوني من متابعة الحديث طالبين أن أرشدهم الى مباني الثكنة ومخازن الأسلحة. فقمنا جميعاً الى ساحة الثكنة حيث طلبا أن يُجمع السلاح في مخزن واحد وأن يسلّم إليهم المفتاح وأن يُخلى أحد المباني الذي أشار إليه ليكون مقراً لهم، وهو المبنى الموجود فيه مستودع السلاح
فعلنا ذلك ثم عدنا الى المكتب مع بعض الضباط حيث لحقني المقدم «محمد» المذكور سائلاً عن قراري؟ فأجبته بأن قرارنا الخروج نحن أو هم من داخل الثكنة. عندها خرج وأمر بإغلاق الأبواب علينا ووضع حرساً من عنصرين على كل باب مانعاً أياً منا من الخروج. اتصلت بمعالي الوزير وأخبرته بما حصل، فكان جوابه «إنكم أصبحتم أسرى حرب»، وأنه سيجري اتصالات بهذا الشأن، كل هذا ترافق مع سقوط بعض القذائف الصاروخية داخل الثكنة. لقد تم حجزنا مع خمسة ضباط وحوالى عشرة عناصر في مبنى قيادة القوة الأمنية، وهو عبارة عن طابق واحد مؤلف من عدة غرف سقفه عشرة سنتم معرض للسقوط عند تعرض الثكنة لأية قذيفة
وقد تم حجز العناصر وباقي الضباط في بنايات معدة لهم مؤلفة من طابقين اثنين وهي مدرأة بأكياس من الرمل لمنع الشظايا فقط ولا تحمي من قصف الطيران ولا من القصف المدفعي. اتصلت بالعميد عبد الرحمن شحيلتي نائب مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وأبلغته بالوضع وخاصة ان من عناصر القوة ضباطاً وعناصر من الجيش، فأبلغني بأنه سيطلع مدير المخابرات وسيتصل بحزب الله ليطلب عدم التعرض للثكنة بالقصف لكي لا نقع ضحية هذا الفخ الإسرائيلي، كما أجريت بعض الاتصالات لهذا الغرض
اتصل بي معالي الوزير عدة مرات للاطمئنان، كان آخرها الساعة الخامسة والنصف صباحاً ليخبرني بأن ضابطاً من اليونيفيل سيحضر ليعمل على إخلائنا وهكذا حصل حيث فتحت بعد ساعة تقريباً الأبواب حيث دخل الضباط الإسرائيليون وضابطان من الكتيبة الهندية وكانت مشادة كلامية بيني وبين الإسرائيليين كرر كل منا موقفه بحضور الضباط المحتجزين وضباط اليونيفيل وكان جواب أحد الضباط الإسرائيليين خلال تلك المشادة أن ليس علينا أن نستغرب فهم جيش احتلال وأننا تحت الاحتلال وعلينا القيام بما يُطلب إلينا قسراً وإلا تعرضنا للأذية. طلب إلينا إحضار الشاي فرفضت في البداية ثم رضخت بناءً على طلب اليونيفيل
وقد قال لي أحدهم «إياك أن تسمّم لنا في الشاي» فأجبته «يا ريت قادر» عندها قال العقيد الإسرائيلي إن علينا الانتظار بعض الوقت لتلقي أمر من قيادته إما بمغادرتهم الثكنة أو بمغادرتنا نحن. وما هي إلا دقائق معدودة حتى أعلمنا بأن هناك موافقة بمغادرتنا مع ضباط اليونيفيل في طريق أعدّت ليلاً بين اليونيفيل والإسرائيليين وقد أبلغت مديرية المخابرات بذلك. وقد وضع لنا هذا العقيد خطة للإجلاء تقضي بأن يبرز كل عنصر من عناصرنا بطاقة هويته قبل صعودنا الى المركبة المعدة له لمعرفة ما إذا كان بيننا عناصر من حزب الله، وهكذا حصل بعد أن منعنا من أخذ أمتعتنا الأميرية وخاصة السلاح الذي طلب ضابط اليونيفيل أن ينقله بآلياته فرفضوا قائلين له عليك أن تأتي مرة أخرى وتأخذه. خرجنا من الثكنة بآلياتنا الصالحة تاركين الآليات المعطلة وأقفلت الأبواب وراءنا حيث وجدنا أن سكان المنطقة بانتظارنا على الطريق العام وهم من بلدة القليعة ومرجعيون وبعض المهجرين
وقد أصبح عددهم خمسة آلاف مواطن يريدون جميعاً مرافقتنا رافضين البقاء، وقد أصرّ معالي الوزير عليّ اصطحاب مَن يرغب منهم. أثناء إعداد العدة للرحيل أبلني الصليب الأحمر الدولي بأن الطريق قد قصفت وانقطعت في منطقة برغز وهي ضمن خطة السير، اتصلت بمعالي الوزير وأعلمته واتصلت بالعميد «شحيتلي» نائب مدير المخابرات، الذي كان يقوم عادة بتنسيق عملنا مع اليونيفيل بعدما كنت أنسق شخصياً قبل أن تتعطل الخطوط الهاتفية والفاكس في منطقة عملنا، وحاولنا جاهدين جميعاً إصلاح الطريق بأية وسيلة وقد فشلنا حيث لم تستطع اليونيفيل إحضار جرافة ولم يسمحوا لنا بإحضار جرافة خاصة ولكننا عرفنا أن هناك طريقاً ترابية محاذية للطريق المقطوعة فاتصلنا بالعميد شحيلتي الذي اعلمناه بالامر الا اننا فوجئنا بانسحاب قوات اليونيفيل لان المهمة قد ألغيت
فعمل العميد شحيتلي على الاستحصال على موافقة من الاسرائيليين عبر اليونيفل دون مرافقتهم التي كانت اصلاً ستحصل من مرجعيون حتى حاصبيا فقط وما هي الا دقائق حتى ابلغني العميد شحيتلي بأن ضوءاً اخضر قد اعطي وبأنه صار بإمكاننا التحرك مع المدنيين، وقد بلغ عدد سياراتهم الفاً وثلاثمئة سيارة وان خطة السير هي ذاتها من مرجعيون حتى بيروت وانه في كل منطقة سيوافيني ضابط معلومات من المخابرات ليرافقنا ضمن منطقة عمله حتى بيروت
وهكذا تم الانتقال على بركة الله حتى كفريا حيث اصيب الموكب بتسع قذائف من طائرة M.K. لقد استهدفت القصف مقدمة الموكب وقد كنت بسيارتي في طليعته ومعي في السيارة المقدم عبد الله ماروني ضابط مخابرات الجيش في مرجعيون والنقيب ايلي الديك ضابط مخابرات الجيش في حاصبيا. اصيب القيد فارس المتيني وهو واقف بقربي كما احترقت سيارة رينو كانت خلفي بقذيفة اخرى ثم قذيفة اخرى على يمين الجيب ادت الى اصابة عنصر في الصليب الاحمر مما يدل على انني كنت مستهدفاً، كما استهدفت الطائرات المواكب بتسع قذائف صاروخية، وبالرغم من ذلك اتصلت بالعميد شحيلتي طالباً اليه الاتصال بالجنرال بلغريني لإبلاغه بأننا نتعرض للقصف، فأجابني بأن الجنرال بلغريني ادعى اننا خرجنا عن المسلك المحدد ولما تأكد أننا لم نخرج عن المسلك ادعى ان المسيرة اخذت وقتاً طويلاً للوصول الى كفريا، كل هذا حصل بدقائق قليلة واخبرني بأن القصف قد توقف
عندها شاهدت احدى السيدات الجرحى فأخذتها على زندي واتجهت بسيارة غير سيارتي الى مستشفى حامد فرحات في كامد اللوز حيث قضيت الليل بأكمله أعتني بالجرحى وإحصائهم، وقد بلغ عدد القتلى ستة والجرحى حوالى أربعين وقد ابلغت معالي وزير الداخلية بالحادث عبر المقدم عماد عثمان. تجولت ليلاً بين كامد اللوز وجب جنين لأعرف مصير المواطنين الذين كانوا في القافلة، وبقيت لليوم التالي في المنطقة حتى الساعة الرابعة عشرة حيث تأكدت من سلامة الجميع وأنهم غادروا المكان على همتهم كما تأكدت من سلامة عناصر المجموعة والآليات. بتاريخ 14/8/2006 صباحاً تقدمت من معالي وزير الداخلية وأطلعته باختصار على ما حدث واعداً بوضع تقرير بالوقائع، وطلب اليّ معاليه الانتقال الى منطقة مرجعيون للاطلاع على اوضاع الاهالي هناك والحضور بشكل دائم ريثما يتم نشر الجيش اللبناني
الـ 24 ساعة الأخيرة لقد كانت احداث الاربع والعشرين ساعة الاخيرة من وجودنا في ثكنة مرجعيون، وقد كانت مليئة بالاحداث المكثفة والجسيمة وكان علينا ان نجتازها بهدوء وروية ولا سيما ان هدفنا الاساسي وواجبنا اخراج 350 عنصراً بسلام آمنين ومن بينهم عناصر من طائفة معينة ولهم انتماءات لحزب الله ويدينون بالولاء له، وهذا ليس بخاف على احد، وكان علينا ان نخرجهم ولو اضطررنا الى القيام ببعض الامور والتغاضي عن بعضها الآخر
وقد استطعت القيام بذلك دون ان يصاب احد بمكروه، علماً بأن مهمة القوى الامنية المشتركة لم تكن مهمة قتالية بل كانت منذ انشائها مهمة لحفظ الامن والنظام وتأمين السلامة العامة وقد اصبحت مهمتها اثناء شهر الحرب مهمة انسانية
خدماتية لتأمين المواد الغذائية والطبية وإخلاء المصابين ورفع الانقاض


إقـرءالمـزيد!

لكِ الله يا عكا

بقلم: الدكتور محمد المنسي قنديل
- لم تكن مجرد مدينة، ولكنها بقعة من الأرض تلاقت فيها كل المصائر، وأصبحت شاهداً على أطول حرب عرفتها البشرية. استمرت على مدى قرنين من الزمن وسقط فيها خمسة ملايين قتيل وامتزجت فيها فورات الشجاعة بمشاعر الحنق، والخسة ترددوا طويلا قبل أن يسوقوا الخبر إلى السلطان الناصر صلاح الدين. كان يجلس في خيمته وقد امتلأ وجهه بالتعب.
حارب طويلا منذ أن أقبل صبيا صغيراً من قريته النائية في جبال الأكراد حتى عرش مصر. كان يحسب أنه بعد أن انتصر في حطين ودقت له القدس أجراسها قد وصل إلى نهاية المطاف، ولكنه اكتشف تحت أسوار عكا أن رحلة الجهاد مازالت طويلة
تجرأ أخوه الملك العادل في الدخول إليه وهو يقول في لهجة باترة: مات عيسى العوام. رفع السلطان رأسه كمن تلقى
ضربة مفاجئة، بدت في عينيه دمعة معلقة. ذلك المسيحي الطيب رفيق القتال كان هو رسوله إلى المدينة المحاصرة. في كل يوم كان يجالد البحر وهو يحمل الرسائل والأموال والتوجيهات إلى ساحل المدينة بعيداً عن أعين الفرنجة. كان موته بالنسبة له نذير شؤم لمعركة غامضة لا يدري كيف فرضت نفسها عليه
أضاف الملك العادل محاولا التعزية: - لقد أدى أمانته حتى وهو ميت. جرفت الأمواج جثته إلى ساحل عكا وعثر معه على الرسائل والأموال. قال السلطان: فلا حول ولا قوة إلا بالله. فهل يمكن أن تقاوم عكا حتى تأتيها جثة أخرى؟.. السقوط.. كانت عكا في منتصف الصراع، أميرها ابن المشطوب وأهلها العرب خلف الأسوار يحاولون أن يبقوا صامدين تحت وطأة الضربات اليومية على الأسوار والحصار البحري لأسطول الفرنجة
كانت جيوش الفرنجة خارج الأسوار لا تكف عن التكاثر والسفن القادمة من كل بحار أوربا تلقي إليها مدداً من الرجال والمؤن والسلاح. منذ أن انتصر عليهم السلطان واسترد بيت المقدس والباباوات لا يكفون عن الصراخ من أجل الثأر وقطع أعناق كل المسلمين. جاء كونراد ملك أنطاكية بجيوشه الجائعة في البداية، ثم أقبل إمبراطور ألمانيا "بيربروس" ومعه مائة ألف مقاتل، ثم وصل "هنري دي شمبانيا" يحمل صناديق الذهب وصكوك الغفران المباركة، ثم وصل ملك فرنسا "فليب أوجست" على رأس جيش ضخم نصفه من القديسين ونصفه من اللصوص، فارتفعت التراتيل احتفالا بمقدمه. واكتمل الحشد بمجيء "ريتشارد قلب الأسد" ملك إنجلترا وأسطوله الضخم
ربع مليون جندي حشدتهم أوربا تحت أسوار عكا لأنها كانت طريقهم الوحيد إلى بيت المقدس الذي فقدوه..! ولكن صلاح الدين كان يحاصرهم، يحيط بهم ويحاول أن يشق طريقه من خلالهم إلى داخل المدينة، ولكن هجومه كان أضعف من أن يجد ثغرة وسط هذا الحشد من الفرنجة. أفاق صلاح الدين من حزنه وقال للعادل: - أرسل إليهم الحمام الزاجل، أطلب منهم أن يصبروا حتى تأتي الإمدادات من الخليفة العباسي في بغداد، وسوف نفك الحصار. وهذه المرة لم يجرؤ الملك العادل على إخباره بما حدث، فالخليفة الذي كان يعاني من شدة الحنق على انتصارات صلاح الدين لن يرسل أي إمدادات. كل ما فعله هو إرسال حملين من النفط وإذن منه أن يقترض من التجار عدة ألوف من الدنانير يستعين بها في الجهاد. كيف يمكن أن يقول له هذا؟ كيف يمكن أن يقول له إنهم ضبطوا رسولا موفداً من ابن المشطوب إلى ملوك الفرنجة يعرض عليهم تسليم المدينة مقابل أن يخرج هو وجنوده وأمواله سالمين؟
كان الأمر أسوأ بكثير مما يحسب صلاح الدين وقال الملك العادل في صوت مكتوم: - الأمراء متذمرون، أمير الموصل وأمير سنجار يريدان العودة إلى ديارهما. كان السلطان يعرف أن أيام القتال قد استطالت على الجميع. قال: - صبرا جميلا، ملوك الفرنجة كل واحد منهم يكره الآخر وتكفي هجمة جيدة نقوم بها حتى يغرق الجميع. وبدأ يعد لهذه الهجمة بنفس دقة يوم حطين. كانت تضاريس أرض المعركة محفورة في أعماقه. ومهما كانت قوة الفرنجة مجتمعة فسوف تكون الطبيعة بجانبه ولكن يبدو أن الوقت كان قد فات. ارتفعت من خلف الأسوار صيحات عالية. وبدا الصليب عاليا وجليا فوق أسوار عكا. كانت صرخات الفرنجة مدوية تعلن انتصارها، لقد سلمت المدينة نفسها، أصابها اليأس وأصبح مصيرها محتوماً. ارتعد صلاح الدين وهو يحس بالانكسار. أنشب الفرنجة أظافرهم في أولى المدن التي حررها
وغداً سوف تتساقط المدن. وبدلا من أن كان يطاردهم هو، فسوف يقومون هم بمطاردته. صعد إلى تل قريب، وراقب المدينة من فوق ظهر جواده، وشم رائحة البارود القادم من المدينة، وشاهد ألسنة النيران، وقال في حرقة: - لك الله يا عكا.. الأسر.. في اليوم الأول من أيام الأسر قال ريتشارد قلب الأسد: - ما أكثر ما لدينا من الأسرى، فلنفرغ المدينة منهم قليلا. وهكذا تم قتل ألفين وسبعمائة أسير من الذين أسلموا أنفسهم في يوم واحد. وحاول كل ملك أن يثبت أنه أكثر شجاعة من قلب الأسد فأعمل سيفه في الأهالي العزل، كأن هناك سباقا محموما لزيادة عدد القتلى، تماما مثلما فعلوا في كل المدن التي دانت لهم. "الرب يريدها.." كانت هذه هي صيحة حربهم المقدسة، منذ أن خطب البابا "أريان الثاني" في مدينة لكيرمون الفرنسية كأنه يعطي الإذن لكل قوافل الحجاج المسالمين إلى بيت المقدس أن يصبحوا محاربين ولصوصا وسفاكي دماء يحملون علامة الصليب المباركة
حالة من السعار أصابت الجميع من النبلاء حتى أفقر الفلاحين، تركوا محاصيلهم دون جمع واندفعوا وراء راهب حافي القدمين يدعى "بطرس الحافي" عبر مدن أوربا. كانوا يهربون من ظلم نبلاء الإقطاع إلى حلم الثراء في الشرق الغامض، وإلى وعد الخلاص بالقرب من قبر المسيح. نهبوا كل المدن التي قابلتهم. وخربوا مدينة "بيزنطه" المسيحية دون رحمة. ثم اندفعوا عبر آسيا الصغرى إلى سوريا وفلسطين، إلى عالم إسلامي منقسم على نفسه لا يدري ماذا يحدث بالضبط. كانوا جوعى فاستطاعوا بسهولة أن يهزموا فرسان السلاجقة المتخمين. ولم يدر حكام بقية المدن الإسلامية الذين أحسوا بالشماتة في هزيمة السلاجقة أن الدائرة ستدور عليهم، وأن الفقراء العراة الذين اندفعوا من أوربا سوف يتبعهم الفرسان والنبلاء والملوك والقراصنة
سقطت "الرها" ثم سقطت "أنطاكية" وتكونت أول مملكة مسيحية قبل أن يستيقظ العالم الإسلامي من سباته. أدار الخليفة العباسي ظهره لما حدث. ولم يفق الخليفة الفاطمي في مصر لما حدث حتى سقطت بيت المقدس، وخرج الناس في الشوارع يصرخون في جزع على ضياع أولى القبلتين. أعد الخليفة جيشا سريعا ما لبث أن لقي هزيمة مروعة، وتخاذل كل الأمراء دفعة واحدة وبدأوا يخطبون الود ويرسلون الهدايا ويدفعون الجزية للفرنجة. ولكن الحملات الصليبية الجديدة لم تتوقف. اكتشف تجار جنوا والبندقية الجانب المربح في الحرب المقدسة فأخذوا يمولونها ويجنون أرباحها. وزادت شراهة فرسان الصليب فاستولوا على سروج وحيفا وقيسارية واللاذقية، وامتلأت السهول والوديان بأعداد الهاربين من مذابح الفرنجة. وطن هارب لا يجد من يغيثه
أدرك الحكام المتناحرون فجأة أن ما يحدث ليس مجرد غزوة عابرة ولكن الفرنجة قد جاءوا حتى يبقوا.. وبعد حوالي خمسين عاما كان الحال سيئا كما هو عليه. ثم ظهر في مدينة الموصل حاكم من نوع مختلف هو عماد الدين زنكي، كان أشبه بالشهاب وسط ظلمة حالكة، بداية لحلم الجهاد الإسلامي الذي طال انتظاره والاشتياق إليه، نموذج الملك المقاتل وليس الحاكم الرخو الذي سئم منه المسلمون. وعندما سار بجيوشه من الموصل إلى حلب لم يفطن الفرنجة أن القدر قد هيأ نوعا آخر من الرجال سوف يواجههم. استطاع أن يستعيد مدينة "الرها" أولى الممالك الصليبية، وأن يفتح جبهة القتال التي طال انتظارها، وأن يمهد الطريق لظهور صلاح الدين
الخلاص.. كم عدد السنوات التي بقيت فيها عكا تحت الأسر؟.. مائة عام أم أكثر قليلا؟.. كم عدد الهجمات التي فشلت؟.. والمعارك التي انتهت إلى غير طائل؟.. لم يكن السلطان الأشرف خليل بن قلاوون مشغولا بذلك. كان ما يهمه أنه جلس أخيراً على عرش مصر. خضع له الأمراء المتنافسون وأقسموا يمين الولاء والطاعة أو على الأقل تظاهروا بذلك. ولكن بقيت آخر المشاكل بالنسبة للسلطان.. "التقليدة".. أي الأمر بتقليده على العرش. وهي لم تكن أكثر من وثيقة يكتبها قضاة المذاهب الأربعة ثم يقدمونها للسلطان الذي يضع عليها ختمه ويكون بذلك قد حدد من سيتولى العرش من بعده حسماً لأي صراع. وكان القضاة يحفظون هذه الوثيقة حتى يموت السلطان ويأتي ولي عهده فيفتحوها ويقرأوا ما فيها حتى تكون سلطنته كاملة من كل الوجوه
ولكن قاضي القضاة حين فتح "التقليدة" اكتشف الجميع أنها خالية من ختم السلطان الأب. زمجر الأشرف من الدهشة والغضب وأقسم القاضي أنه قدم الوثيقة للسلطان السابق ثلاث مرات وفي كل مرة كان يرفض ختمها وهو يقول: - أيها القاضي أنا لا أولي خليلا على المسلمين. لأمر ما لم يكن السلطان راضيا عن ترك العرش لابنه. ولكن كل الورثة كانوا قد ماتوا أو اغتيلوا أو أصيبوا بالجنون، ولم يبق إلا خليل الذي تناول التقليدة الخالية من الختم ومزقها وهو يقول: - لقد امتنع السلطان عن أن يعطيني العرش ولكن الله أعطاني إياه.. وبدأ عهده.. ولكن الأمر لم يكن بهذه السهولة، فالتقليدة الناقصة جعلت سلطنته ناقصة
كان يحس بذلك في عيون الأمراء والأتابكة، وفي تفسيرات الفقهاء، وفي نكات العامة. قبض السلطان على القاضي ووضعه في أسفل السجون، وألغى نظام التقليدة، وقبض على معظم أمراء أبيه، ثم لم يجد بداً من أن يدعو الجميع للجهاد ضد الفرنجة. كان الفرنجة ما زالوا رابضين كالأخطبوط القديم، جسده في عكا وأذرعته ممتدة إلى صور وصفد وأنطرطوس. أخطبوط عجوز قطع له صلاح الدين ذراعاً فنبتت عشر أذرع، وقطع السلطان بيبرس خمسا فنبتت عشرون. وعندما وقف السلطان فوق منبر الأزهر وطالب الناس بالخروج معه تذكروا جميعا أن السلاطين وحدهم لا يمكنهم قتل الأخطبوطات، وإنما يقدر على ذلك حرافيش المدن وصعاليك الشوارع وفلاحو الريف وصيادو السواحل. رغم مماليك الأشرف الكثيرة فقد كان المتطوعون من عامة الشعب هم الأغلب. ليم يبال أحد إن كان السلطان يريد أن يلفت الأنظار بعيداً عن بيعته الناقصة أم لا. المهم أنه يدعو الجميع إلى شيء جدير بالاستجابة
صنع النجارون المنجنيقات الضخمة التي تستطيع أن تحمل طنا من الحجارة، وصب الحدادون دبابيس من الصلب قادرة على اختراق أي جدار، وجدل الصيادون الحبال الطويلة ووضعوا في أطرافها الخطاطيف، وحمل الفلاحون الفئوس وساروا جميعا إلى عكا.. فلك الله يا عكا. كان الفرنجة على استعداد لأن يفقدوا كل شيء إلا هذه المدينة. تجمع خلف أسوارها كل فرنجة الشام بعد أن تناسوا خلافاتهم، وجاء إليها عبر البحر الملك هنري الثاني ملك قبرص، فاحتفلوا بقدومه وأشعلوا ناراً عالية لعل السلطان الأشرف يتراجع حين يراها، ولكن لم يكن لديه طريق آخر.. ولكن الملك هنري هو الذي أدرك - منذ أن صعد إلى الأسوار - أن المعركة خاسرة
أرسل يسأل السلطان عن شروط الصلح. وكانت بسيطة وواضحة: الاستسلام بدون قيد ولا شرط، على أن يؤمن خروجهم وأموالهم من عكا.. وكان الجواب هو الرفض، فبدأ السلطان القتال على الفور. ظل جيشه يرتطم بالأسوار كل يوم، يملؤها بالثقوب والنشابات، ويقذف المدينة بالأحجار وكريات النار، ويقترب منها بالأبراج، ويغرق كل السفن القادمة إليها. وأسرع الملك هنري بالفرار واقتحم جنود السلطان المدينة في يوم الجمعة.. الساعة الثالثة عصراً.. نفس اليوم والساعة التي سقطت المدينة فيها من قبل. لم يكن هناك بعد ذلك ما يمكنه وقف الملك الأشرف. سار إلى مدينة "صور" المنيعة، لم يكن أحد قد تعرض لها منذ أن أخذها الصليبيون حتى ولا صلاح الدين. ولكن منظر الجيوش المهيبة وذكرى سقوط عكا جعل المدينة تسقط دون قتال
ثم سار إلى "صفد" فخرج ملك الفرنجة وهو يبكي من القهر. وهرب أهل "أنطرطوس" وألقت حاميتها بأنفسهم إلى البحر قبل أن يصل إليهم. انهار بناء الفرنجة الهش تحت قدميه، كأن قلاعهم رمال تذروها الريح. حتى صلاح الدين نفسه لم يفعل بهم كما فعل الأشرف في هذا العدد القليل من الشهود. كان متعبا، منهكا من كثرة القتال. ورغم ذلك مازال خائفا من العودة إلى القاهرة حيث توجد مزق التقليدة الناقصة، فضل أن يتوجه إلى الشام.. دخل إلى دمشق في منتصف الليل ولكن ما أن ظهر من باب النصر حتى وجد أهلها جميعا في انتظاره
لم ينم منهم أحد حتى الأطفال والشيوخ والمرضى، جميعا خرجوا إليه كل واحد منهم يمسك شمعة ليضيء بها طريق السلطان المجهد وطريق جنوده الذين حاربوا بلا هوادة. خيم على المدينة جو من الجلال المهيب بعد صخب المعارك، أحاطتهم أضواء الشموع المرتعدة كأنها وجيب كل القلوب. كانت دروب المدينة كلها مضاءة من باب النصر حتى باب الوقيد، وألسنة اللهب ترسم في الظلام حروفاً مجهولة كأنها حروف تقليدة.. ولكنها هذه المرة بيعة جديدة وكاملة تتوجه
سلطانا رغم أنف كل الأختام الناقصة


إقـرءالمـزيد!
Free Web Counter
number of visitors numbers of hits
numbers of hits